تُكثف “منظمات الهيكل” المزعوم دعواتها لتنفيذ اقتحامات واسعة للمسجد الأقصى المبارك، احتفاءً بما يسمى “عيد الفصح” اليهودي، وسط تحريض كامل على “تقديم القرابين” وذبحها في المسجد.
وتسعى الجماعات المتطرفة إلى إقامة طقس “ذبح القربان الحيواني” في المسجد الأقصى، ضمن مساعيها لتغيير هويته الإسلامية، عبر إقامة كامل الطقوس التوراتية داخله.
وتعتبر ذلك بمثابة “تأسيسٍ معنوي للهيكل” يُمهد لتأسيسه المادي، ويحتل “قربان الفصح” مكانة ذروة الطقوس التي تسعى إلى فرضها لاعتبارين، الأول: أنه ذروة الطقوس التوراتية في “الهيكل” المزعوم وفق الأسطورة التوراتية.
أما الاعتبار الثاني: فهو اعتقادها بأنه “بوابة للخلاص الإلهي، باعتباره بنظرها البوابة الوحيدة لحسم الصراع، إذ أن تلك الجماعات تعتقد أن دم هذا القربان هو أحد العناصر المرتبطة برضى الرب وإرادته بإرسال المخلص لتحصل المعجزة الكبرى التي يخضع بها الرب أعناق الأمم لشعب إسرائيل”.
ولذلك تتعامل هذه المنظمات المتطرفة مع محاولات “ذبح القربان” داخل المسجد الأقصى بجدية، وتُمهد لها منذ سنوات.
ويمتد “عيد الفصح” على مدى أسبوع، يبدأ مع غروب شمس السبت 12 نيسان/ أبريل الجاري، ويستمر حتى غروب يوم السبت المقبل 19 من ذات السهر، لتتخلله خمسة أيام من الاقتحامات من الأحد إلى الخميس، فيما يغلق باب الاقتحامات يومي الجمعة والسبت.
عدوان واسع
وفي هذا العيد اليهودي، ينتظر المسجد الأقصى عدوانًا واسعًا يتخلله اقتحامات جماعية كبرى، وأداء طقوس تلمودية، و”السجود الملحمي” الجماعي وارتداء “ثياب الكهنة”. كما يقول المختص في شؤون القدس زياد إبحيص
ويضيف إبحيص، أن الأقصى مهدد خلال هذا العيد، بمحاولات فرض “القربان الحيواني” فيه، مع تركز الخطر على الجهة الشرقية من المسج، وتحديدًا عند قبة السلسلة.
ويوضح أن “منظمات الهيكل” دعت جمهورها والمستوطنين لاقتحامات مركزية للمسجد الأقصى، بمشاركة حاخامات وشخصيات قيادية فيها، ونشرت برنامج الاقتحامات، وأعلنت دعمها تكاليف المواصلات للراغبين في الاقتحام خلال العيد اليهودي.
ويتابع “منذ صعود الصهيونية الدينية وبدء تأسيسها لمنظمات الهيكل كواجهة مكرسة لتغيير هوية المسجد الأقصى والعمل على تجسيد أسطورة الهيكل، كان الفصح عيدًا مركزيًا في عملها لسببين: الأول ارتباطه الوثيق بالهيكل، باعتباره كان محل تقديم القربان لروح الرب وفق الأسطورة التوراتية، أما المعنى الثاني والأهم هو قيمته الخلاصية”.
ويؤكد أن الجماعات المتطرفة تسعى لزيادة أعداد المقتحمين للأقصى، وتشجيعهم على أداء الطقوس التوراتية فيه، وفرض “القربان الحيواني”، كشكل من “التأسيس للهيكل معنويًا، وتعجيل قدوم المخلص المنتظر” وفق اعتقاداتها.
ويبين أن هذه الجماعات تتعامل مع الأقصى، وكأنه “قد بات مركزًا للعبادة التوراتية، حتى وإن كانت مبانيه ما تزال إسلامية حتى اليوم”.
ويعد “الفصح” التوراتي، وفقًا لإبحيص، أحد الأعياد التي تعتبرها التوراة “أعياد الحج”، وهي أعياد تقول الأسطورة التوراتية إن “الاحتفال بها كان مركزه الهيكل المزعوم، وإنها أعياد يتجمع فيها اليهود فيه”.
تأسيس معنوي
وخلال العيد، يقول إبحيص إن المستوطنين يحرصون على اقتحام الأقصى بالثياب البيضاء كرمز لحضور “طبقة الكهنة” في المسجد، وعلى إدخال مختلف أدوات العبادة التوراتية مثل “الشال، اللفائف السوداء وقبعة الصلاة”، لتكريس تعاملهم مع المسجد كأنه قد بات “الهيكل” المزعوم من الناحية المعنوية، تمهيدًا لتأسيسه ماديًا مكان الأقصى.
ويؤكد أن “منظمات الهيكل” تتطلع إلى فتح المسجد الأقصى أمامها يوميًا وفي جميع الأوقات، أو تقسيم أوقات فتحه مناصفةً بين المسلمين واليهود.
وخلال السنوات الماضية، دأبت الجماعات المتطرفة على محاولة إدخال “قربان الفصح” إلى الأقصى خلال أيام العيد، وحرصت هذا العام على إبراز صورة “القربان” في ملصقها الداعي لاقتحام المسجد، لتعزيز فرضه داخله.
وكما في كل عام، دعت منظمة “عائدون إلى جبل الهيكل” أنصارها إلى محاولة إدخال القرابين إلى المسجد الأقصى على مدى أسبوع يسبق بدء “الفصح”، وسجلت محاولتان لتهريبه، في غياب الوعد بالمكافأة المالية والذي تنشره المنظمة كل عام منذ 2021. وفق إبحيص
ويشير إلى أن نشطاء “الهيكل” نشروا ملصقات خيالية لوزير الأمن القومي إيتمار بن عفير وهو يحمل “قربانًا في الهيكل” أقيم مكان الأقصى، وأخرى للمذبح وقد بُني مكان قبة السلسلة شرقي الأقصى.
وحسب إبحيص، فإن الموعد التوراتي لمحاولات فرض القربان في الأقصى فعليًا بعد عصر اليوم، باعتباره الموعد المحدد توراتيًا لذبح “القربان”، حيث يرى حاخامو “الصهيونية الدينية” أن “طقس ذبح القربان يبقى في موعده حتى وإن تقاطع مع عطلة السبت”.
وصباح الجمعة، حاول رئيس منظمة “عائدون إلى جبل الهيكل” المتطرفة رفائيل موريس إدخال “قربان الفصح” إلى الأقصى، لتكون هذه المحاولة الرابعة خلال أسبوع.
ووجّه المتطرف موريس رسالة لكل من وزير الأمن القومي بن غفير ورئيس حزب “الصهيونية الدينية” ووزير المالية بتسلئيل سموترتش ووزير تطوير النقب من حزب “القوة اليهودية” إسحاق فاسرلوف، بأن “ينضموا له ولمنظمات الهيكل في تقديم قرابين الفصح في الأقصى”.
والاثنين الماضي، نشر الناشط المتطرف في “جماعات الهيكل” أرنون سيجال صورة جديدة متخيلة للمذبح التوراتي الأسطوي في مكان قبة السلسلة، مع تخيل لإقامة طقوس تقديم “القربان الحيواني” فيه.
وتروج “جماعات الهيكل” لمقولة وهمية لا أساس لها، بأن “قبة السلسلة قد بنيت خصيصًا لطمس معالم المذبح الأسطوري التوراتي، وقد عملوا ما بين عامي 2010-2013 على تعطيل مشروع تجديد القاشاني الذي يكسوها من الأعلى، باعتباره مشروعًا يطمس آثار المذبح التوراتي”.
وللتصدي لمخططات المستوطنين خلال “عيد الفصح”، انطلقت دعوات فلسطينية للنفير وتكثيف الحشد والرباط في المسجد الأقصى، لإفشال هذه المخططات، ومنع أي محاولة لإدخال القرابين أو تنفيذ الطقوس التلمودية.
المصدر: وكالات