في خطوة تعتبر جزءًا من حملتها الأوسع ضد المؤسسات الأكاديمية، تدرس إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب مئات الملايين من الدولارات من جامعة كولومبيا، بعد توجيه اتهامات لها بالتقاعس في معالجة قضايا معاداة السامية، على خلفيّة المظاهرات المساندة لغزة، التي شهدها حرمها الجامعيّ العام الماضي.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال”، الجمعة، فإن الحكومة الأميركية ألغت ما يقارب من 400 مليون دولار من المنح والعقود الفيدرالية لجامعة كولومبيا.
وقالت الصحيفة إنّ القرار يأتي بعد متابعة وزارة التعليم الأمريكية التي أكدت أن الجامعة “فشلت في اتخاذ تدابير كافية لحماية الطلاب اليهود”.
وتقول وزارة التعليم الأميركية إنّها تسعى إلى “حماية حقوق الطلاب اليهود الذين تعرضوا لعدد من المضايقات والعنف المرتبط بالتحريض المعادي للسامية، والذي تفاقم خاصة منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر الماضي”. وأكدت الوزيرة المسؤولة أن المسؤولين في جامعة كولومبيا كانوا يتجاهلون شكاوى الطلاب اليهود رغم مسؤوليّتهم القانونية في توفير بيئة آمنة لهم.
ويعد القرار بإلغاء التمويل بمثابة الجولة الأولى من سلسلة إجراءات منتظرة ضد جامعات أخرى قد تتبع نفس السياسة.
وتفوق قيمة المنح المالية الفيدرالية التي تحصل عليها جامعة كولومبيا 5 مليارات دولار، ما يجعل هذا القرار يحمل تأثيرًا ماليًا كبيرًا على المؤسسة الأكاديمية. ومن المتوقع أن يتسبب القرار في تحوّل جذري في الطريقة التي تتعامل بها الجامعات الأميركية مع قضايا معاداة السامية، بعد حملات التضامن مع القضية الفلسطينية التي شهدتها بعض الجامعات.
وبدأت الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين في جامعة كولومبيا في نيسان/ أبريل 2024، حيث أقام الطلاب معسكرات احتجاجية وشغلوا مبنى هاميلتون هول الذي حوّلوا اسمه إلى “هند رجب”، ما أدى إلى عمليات اعتقال جماعية من قبل شرطة نيويورك.
والاحتجاجات التي تزامنت مع حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، وطالبت بسحب الاستثمارات من “إسرائيل”، اتُّهمت بتعزيز بيئة معادية للسامية، خاصة بعد هجوم 7 أكتوبر 2023 وردّ الفعل الإسرائيلي.
ولاحقًا، فتح مكتب حقوق الطلاب المدنية في وزارة التعليم تحقيقات في تشرين ثان/ نوفمبر 2023 وكانون أول/ يناير 2025 حول انتهاكات قانون الحقوق المدنية (العنوان السادس) بسبب تقارير عن تحرش واسع النّطاق ضد الطلاب اليهود. كما أطلقت إدارة ترامب فريقًا مشتركًا لمكافحة معاداة السامية، ما أدى إلى مراجعة شاملة لعقود ومنح الجامعة الفيدرالية.
وشهدت جامعة كولومبيا استجابات داخلية، بما في ذلك تشكيل لجنة مكافحة معاداة السامية في تشرين أول/ أكتوبر 2023، وإدانة الرئيسة السابقة للجامعة نعمت شفيق للأفعال المعادية للسامية في نيسان/ أبريل 2024. ومع ذلك، أدّت رسائل نصية اعتُبرت “مسيئة” من إداريين في تموز/ يوليو 2024 إلى إزالة ثلاثة منهم من مناصبهم. وبعد إلغاء التمويل، أعلنت الجامعة أنها “تدرس الإعلان وتتعهد بالعمل مع الحكومة الفيدرالية لاستعادة التمويل”، مؤكدة التزامها بحماية الطلاب.
وتتلقى جامعة كولومبيا أكثر من 5 مليار دولار في الالتزامات التمويلية الفيدرالية، بما في ذلك منح للبحوث العلمية والصحية، ومساعدات الطلاب، وبرامج أخرى. والإلغاء البالغ 400 مليون دولار يشمل عقودًا ومنحًا أدارتها وزارات العدل، والصحة والخدمات البشرية، والتعليم، وإدارة الخدمات العامة، وقد يؤثر إلغاء التمويل على مشاريع البحث، وبرامج الدعم الطلابي، وغيرها من المبادرات التي تعتمد على الأموال الفيدرالية. ما يعني أن الأمر قد يؤثر على قدرة الجامعة على مواصلة أبحاثها.