تناول المعلق العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل، عودة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فجر اليوم الثلاثاء، مشيرًا إلى أن إسرائيل انتهكت اتفاق وقف إطلاق النار، معتبرًا أن نتنياهو يسعى من خلال “الضغط بالحرب” إلى الحفاظ على البقاء السياسي وتماسك الائتلاف الحكومي في إسرائيل، بما يشمل عودة إيتمار بن غفير، الذي تحقق فعلًا ظهر اليوم، مع عودة العدوان على قطاع غزة.
قال المعلق العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل: إنه “لا توجد طريقة أخرى لتفسير ذلك: لقد انتهكت إسرائيل عن علم اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس، بموافقة أميركية؛ لأنها لم ترغب في الوفاء بالكامل بالشروط التي التزمت بها قبل شهرين”.
وأضاف: “حماس منظمة ’إرهابية’. لكن الإساءة النفسية التي مارستها حماس ضد الرهائن وعائلاتهم خلال مراحل الإفراج الأخيرة لا يمكن وصفها بأنها خرق كبير للاتفاق من جانبها”.
وتابع هارئيل: “كانت الحكومة الإسرائيلية هي التي فشلت في الالتزام بالاتفاق عندما لم تستكمل الانسحاب الموعود لقوات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة في الأسابيع الأخيرة، وخاصة من ممر فيلادلفي (صلاح الدين) على طول الحدود بين غزة ومصر”.
واستمر في القول: “رفضت حماس غضّ الطرف والمضي قدمًا في إطلاق سراح الرهائن بموجب مقترحات الوساطة الجديدة التي طرحها الأميركيون، مما أدى إلى تعثر المفاوضات. ردًا على ذلك، استأنفت إسرائيل القتال صباح الثلاثاء”.
وحول مجريات الحرب، بعد الافتتاح في ضربة جوية، قال هارئيل: “قد يشمل ما يلي المزيد من الغارات الجوية الضخمة، ولكن أيضًا تنفيذ مناورة برية جديدة وواسعة النطاق في غزة، بقيادة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجديد إيال زامير، على أمل هزيمة حماس في النهاية”.
وأضاف: “صرح زامير بأن تنفيذ الخطة يتطلب عدة فرق من الجيش الإسرائيلي. وهذا بدوره يتطلب استدعاءً واسع النطاق للاحتياط، لأول مرة في ظل غياب إجماع شعبي حقيقي على مبررات العودة إلى الحرب”.
وواصل القول: “من المرجح أن يزعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن تجديد الضغط العسكري وحده كفيل بتمكين عودة الرهائن التسعة والخمسين، الأحياء منهم والأموات، من غزة. لكن هذا التبرير لم يعد مقنعًا”.
وتابع هارئيل: “لقد لقي ما يقرب من 40 رهينة حتفهم في غزة في ظروف مختلفة منذ أن تم اختطافهم أحياء من الأراضي الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر. ومن الواضح أن الضغط العسكري المتجدد يعرض الرهائن الناجين للخطر، وقد يؤدي إلى تفاقم ظروفهم التي لا تطاق بالفعل في الأسر، وفي سيناريو متطرف، قد يدفع حماس إلى إيذاء بعضهم انتقامًا”، وفق قوله.
وأوضح: “من الأمور التي ظهرت بوضوح من شهادات بعض الرهائن الذين تم إطلاق سراحهم خلال الشهرين الماضيين أن حماس كانت تنقلهم بين أماكن مختلفة بشكل متكرر. ولم تكن لدى أجهزة الأمن الإسرائيلية معلومات استخباراتية دقيقة آنيًا عن أماكن وجود العديد منهم. وهذا يعني استحالة تنفيذ غارات جوية وعملية برية بثقة تامة بعدم تعرض الرهائن للأذى”.
وانتقل إلى نتنياهو، بالقول: “في هذه الأثناء، تتواصل جهود نتنياهو لإقالة رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، رونين بار. عندما أجرى نتنياهو محادثةً قصيرةً مع بار مساء الأحد لإقالته، كان كلاهما يعلم مُسبقًا أن قرار استئناف القتال ضد حماس وشيك. كما شارك بار في المشاورات المحدودة التي أجراها نتنياهو مساء الإثنين قبل الغارات الجوية على غزة”.
وتابع حول هذه الجزئية، قائلًا: “لا يمكن أن يوجد مثل هذا الوضع إلا في عهد نتنياهو: إذا لم يكن لديه ثقة برئيس الشاباك، كما يدعي، فلماذا يستمر في إدراجه في أكثر المنتديات سرية؟”. مضيفًا: “في هذه المرحلة، ليس من المستبعد تمامًا أن تسعى الحكومة إلى المضي قدمًا في إقالة بار في الأيام المقبلة، حتى مع تجدد الحرب”.
وواصل عاموس هارئيل، قائلًا: “سيتم تبرير العملية الإسرائيلية في غزة كخطوة ضرورية لكسر الجمود في المفاوضات، مع الوفاء في الوقت نفسه بوعد نتنياهو بهزيمة حماس، على الرغم من اختلاف الجداول الزمنية لهذين الهدفين. قد يموت الرهائن قبل هزيمة حماس، إن هُزمت أصلًا”.
واستمر بالقول: “لكن الأهم من ذلك كله هو أن الأمر يتعلق بسلسلة من الأهداف السياسية العاجلة التي لن يعترف بها رئيس الوزراء علنًا: إعادة إيتمار بن غفير وحزبه اليميني المتطرف “عوتسما يهوديت” إلى الحكومة، وإقرار الميزانية، واستقرار الائتلاف. وهذه المرة، يعتمد بقاء نتنياهو السياسي حقًا على الحفاظ على الضغط في غزة، بما في ذلك محاولة تحويل انتباه وسائل الإعلام عن الاحتجاجات المتجددة ضد الحكومة؛ بسبب خطة إقالة بار”.
وختم هارئيل، تحليله، بالقول: “يبدو أن الهدف الحقيقي لنتنياهو أصبح واضحًا بشكل متزايد: الانزلاق تدريجيًا نحو نظام على الطراز الاستبدادي، والذي سيحاول تأمين بقائه من خلال حرب دائمة على جبهات متعددة. وحتى في الفيديو الذي نشره بخصوص محاولته إقالة بار، تحدث نتنياهو عن ’حرب على سبع جبهات’. وماذا عن الرهائن؟ من وجهة نظر نتنياهو، يبدو أنهم قادرون على الموت في الأنفاق، لعلمه أنهم ساهموا في استمرار قبضته على السلطة”.