هيئة وسيطة وصلاحيات واسعة.. ما هو المجلس المركزي الفلسطيني؟

بعدما سنوات، كانت تمر فيها دورات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، بشكلٍ عابر، تحولت إلى عنوان هذه المرة، مع إعلان رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، عن “نية” استحداث منصب نائب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، في شهر آذار/مارس الماضي، ضمن حديث أميركي وإقليمي عن “تجديد وإصلاح”، وهو ما هيمن على النقاشات السياسية، مع التوجه لعقد دورة جديدة للمجلس، يُعد استحداث منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية، “العنوان الأبرز فيها”.

وتعقد الدورة الـ32 للمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، يومي الأربعاء والخميس، وسط حالة من الجدل في ظلّ أن أجندة الدورة الحالية للمركزي تتضمن استحداث منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وانعقاد المجلس للمرة الأولى منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. فماذا نعرف عن المجلس المركزي الفلسطيني؟

ما هو المجلس المركزي؟ ومتى ينعقد؟ وما هو دوره؟

ما هو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية؟

يُعد المجلس المركزي هيئة وسيطة بين المجلس الوطني الفلسطيني واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.

وهو هيئة دائمة، منبثقة عن المجلس الوطني الفلسطيني، ومسؤول أمامه. وقد تقرر تشكيله في الدورة الحادية عشرة للمجلس الوطني التي انعقدت في القاهرة في كانون الثاني/ يناير 1973.

في حينه، أقرّ المجلس الوطني الفلسطيني إنشاء المجلس المركزي، حيث حلَّ محلَّ اللجنة المركزية. وقد اتخذ هذا القرار لمساعدة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في تنفيذ قرارات المجلس الوطني، ولإصدار التوجيهات لها، خلال الفترة الواقعة بين دورتي المجلس الوطني الفلسطيني.

وتنص اللائحة الداخلية أن رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، هو رئيس المجلس المركزي، وأن على المجلس أن يجتمع مرة كل 3 أشهر على الأقل.

المجلس المركزي له جميع صلاحيات المجلس الوطني الفلسطيني، باستثناء إعادة تشكيل اللجنة التنفيذية، وللمجلس المركزي الكلمة الفصل في وضع السياسات والقرارات في غياب المجلس الوطني.

وارتفعت أهمية المجلس المركزي، بعد عقد المجلس الوطني عام 2018، والذي انتهى اجتماعه بتفويض المجلس المركزي في صلاحياته.

من هم أعضاء المجلس المركزي؟ وكم عددهم؟

في المجلس السابق، كان عدد أعضاء المجلس يدور حول 150 عضوًا وعضوة، أمّا عدد الأعضاء الذي كان معروفًا للمجلس الحالي، فهو 180 عضوًا وعضوة، بحسب ما أفادت عضوة المجلس المركزي والسياسية الفلسطينية، ريما كتانة- نزال، إذ قالت لـ”الترا فلسطين”: “أنا شخصيًا في آب/أغسطس 2022، أجريت اتصالًا مع مكتب المجلس الوطني، لأحصل على الأعداد ومعرفة تمثيل المرأة في المجلس، وفي حينها كان عدد الأعضاء 180 عضوًا وعضوة، منهم 43 سيدة”. مضيفة: “حسب آخر رقم سمعنا عنه، فإن هناك زيادة في أعضاء المجلس المركزي إلى 240 عضوًا”.

رغم أنه من المعلوم، بأن أعضاء المجلس المركزي، يفترض أن يكونوا من أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني، ويدخلون إلى المجلس بناءً على التصويت.

يفترض أن المجلس المركزي يضم المكونات التالية:

  • رئيس وأعضاء اللجنة التنفيذية ومكتب رئاسة المجلس الوطني.
  • ممثلين عن فصائل منظمة التحرير.
  • رئيس المجلس التشريعي ونوابه.
  • رؤساء أو الأمناء العامين للاتحادات الشعبية أو من ينوب عنهم من أعضاء المجلس الوطني.
  • ثلاثة من العسكريين يمثلون المجلس العسكري، ويختارهم القائد العام.
  • 30 عضوًا من المستقلين ينتخبهم المجلس الوطني.
  • رؤساء اللجان الدائمة في المجلس التشريعي ورؤساء الكتل البرلمانية.

ما هي مهام المجلس المركزي؟

  • اتخاذ القرارات في القضايا التي تطرحها عليه اللجنة التنفيذية في إطار مقررات المجلس الوطني.
  • إقرار الخطط التنفيذية المقدمة إليه من اللجنة التنفيذية.
  • متابعة تنفيذ اللجنة التنفيذية قرارات المجلس الوطني.
  • تشكيل لجان دائمة من بين أعضاء المجلس الوطني؛ لتتولى مهام إعداد الدراسات والبحوث في المسائل المحالة من المجلس المركزي أو اللجنة التنفيذية.
  • الاطلاع على سير عمل دوائر المنظمة وتقديم التوصيات اللازمة.

متى انعقد المجلس المركزي آخر مرة؟

رغم أن لائحته الداخلية تنصّ على انعقاده كلّ 3 أشهر، إلّا أن المجلس المركزي لم ينعقد منذ نحو 3 سنوات؛ حيث انعقدت الدورة الـ31 للمجلس المركزي بتاريخ 6 شباط/ فبراير 2022 في رام الله وكانت بعنوان: “تطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، وحماية المشروع الوطني، والمقاومة الشعبية”.

وقبلها كان المجلس المركزي الفلسطيني قد عقد في الفترة ما بين 1985-2018 ثلاثين دورة بينها دورتان استثنائيتان عام  1988 و1999، ودورة طارئة عام 2003.

مَن الجهات التي قاطعت الدورة الأخيرة من المجلس المركزي في عام 2022؟

أربعة فصائل من داخل منظمة التحرير (لا تضم حركتي حماس والجهاد الإسلامي) قاطعت الدورة الأخيرة، وهي: الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والمبادرة الوطنية الفلسطينية، والجبهة الشعبية- القيادة العامة، وطلائع حزب التحرير الشعبية (الصاعقة/ تتبع لحزب البعث السوري المنحل بعد سقوط نظام الأسد).

ولم تشارك حركة حماس، والجهاد الإسلامي في فلسطين، في تلك الدورة.

جاءت مقاطعة الفصائل، للمجلس المركزي، لاعتبارهم الدعوة للاجتماع جرت دون توافق وطني، ونتيجة انعدام تطبيق قراراته، وبالأساس قطع العلاقة مع إسرائيل.

كما شهدت الجلسة مقاطعة عدد من الشخصيات المستقلة مثل: حنان عشراوي، وريما كتانة- نزال، وأحمد عزم، وفيحاء عبد الهادي، ومحسن أبو رمضان، وجورج جقمان.

ولم ترسل دعوات إلى رئاسة المجلس التشريعي، ورؤساء الدوائر فيه، بعد قرار حله من قبل رئيس السلطة الفلسطينية.

وحينها، دعا القيادي في حركة فتح وعضو اللجنة المركزية المفصول ناصر القدوة، إلى “نزع أي سمة للشرعية عن اجتماع المركزي في 6 شباط/فبراير”. مضيفًا: “ما يحصل يعزز من يريد التساوق مع الطرح الإسرائيلي، هذه لحظة تاريخية ولحظة فرز، ويجب أن يحاسب الجميع على مواقفهم، نحن ندعو لتشكيل مجلس وطني جديد على قاعدة الانتخابات والتوافق، وطرحنا تصورًا متكاملًا في هذا المجال، ونتمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلًا شرعيًا ووحيدًا للشعب الفلسطيني، وندعو أعضاء إلى عدم المشاركة في هذا الاجتماع حفاظاً على المنظمة”.

ما أهم القرارات التي اتخذت في الدورة الأخيرة للمجلس المركزي؟

جاءت قرارات الدورة الـ31 للمجلس المركزي تكرارًا لقرارات اتخذت في دورات سابقة ولم يتم تنفيذها.

كانت أهم تلك القرارات على المستوى السياسي؛ تعليق الاعتراف بـ “إسرائيل” وإنهاء التزامات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بكافة الاتفاقات مع دولة الاحتلال، لحين اعترافها بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967 بعاصمتها القدس الشرقية، ووقف الاستيطان. بالإضافة إلى وقف التنسيق الأمني بأشكاله المختلفة، وتحديد ركائز عملية للاستمرار في عملية الانتقال من مرحلة السلطة إلى مرحلة الدولة ذات السيادة.

وقد صدرت تلك القرارات لأول مرة في عام 2015، وكرّرها المجلس المركزي بعد ذلك في أكثر من مناسبة، ثم كرّرها المجلس الوطني عام 2018 ولم تُنفذ.

ماذا على أجندة المركزي في الدورة الحالية؟

وفق الدعوة الموجهة من رئيس المجلس الوطني روحي فتوح، لأعضاء المجلس المركزي؛ فإن الدورة الحالية تعقد تحت عنوان “لا للتهجير ولا للضم.. الثبات في الوطن.. إنقاذ أهلنا في غزة ووقف الحرب.. حماية القدس والضفة الغربية.. نعم للوحدة الوطنية الفلسطينية الجامعة”.

يتضمّن جدول أعمال الاجتماع بند تعديل ميثاق منظمة التحرير بما يتيح استحداث منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية.

ولا يعني هذا التعديل أن اجتماعات المركزي سيتمخض عنها، بالضرورة، انتخاب نائب لرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير؛ وإنما تعديل الميثاق سيتيح تفويض اللجنة التنفيذية بانتخاب النائب.

كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد أعلن، في 5 آذار/ مارس لأول مرة، قرار استحداث منصب وتعيين نائب لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين، واتخاذ الإجراءات القانونية من أجل ذلك.

إضافة إلى ذلك، ستبحث دورة المجلس المركزي “حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة والقدس، وملف إدارة قطاع غزة، والتهجير والحصار والضم والتجويع، والاستيطان ومصادرة الأراضي، إضافة لقضية اللاجئين وحق العودة واستمرار عمل الأونروا في فلسطين والمخيمات الفلسطينية في الشتات”.

كما ستتطرق دورة المجلس المركزي لقرارات القمة العربية والقمة العربية الإسلامية، وقرارات الشرعية الدولية.

كذلك، ستتناول الدورة الوضع الداخلي الفلسطيني، بما في ذلك “الوحدة الوطنية وتعزيزها في إطار منظمة التحرير”.

ما هي أبرز الانتقادات لانعقاد الجلسة الحالية؟

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين: انعقاد المجلس المركزي خطوة مجتزأة، ولا يمكن أن تكون بديلًا عن الخطوات التي حدّدتها جولات الحوار ومخرجاتها المُكررة. وإن انعقاده ليس الطريق الأمثل لمواجهة المخاطر الراهنة.

المبادرة الوطنية الفلسطينية: المجلس المركزي، ينعقد دون إجراء التحضيرات التنظيمية والحوار الوطني المعتاد مع جميع قوى منظمة التحرير الفلسطينية والقوى الفلسطينية عامة، والذي يفترض أن يسبق انعقاد المجلس والتوافق على مخرجاته، مما عزز الانطباع بأن المجلس المركزي يعقد أساسًا لتنفيذ مطالب محددة بضغوط خارجية.

نائب رئيس المجلس التشريعي المحلول حسن خريشة، قال لـ”الترا فلسطين”: إن انعقاد المجلس يأتي في ظل حرب الإبادة، ولكنه لم ينعقد لهدف وقف العدوان على غزة وإنما لأهداف أخرى أهمها تعيين نائب لرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. وأعتقد أن ما يجري هو استنساخ تجربة سابقة جرت مع ياسر عرفات، واليوم تُعاد التجرية تحت الضغوط الخارجية الأميركية والعربية تحت عنوان “اليوم التالي”.

المؤتمر الوطني الفلسطيني: نستهجن الدعوة إلى انعقاد المجلس المركزي تحت ضغوط معلنة لم تعد خافية على أحد، لتحقيق هدف واحد: محاولة فرض رئيسٍ جديدٍ على الشعب الفلسطيني، من خلال استحداث موقع نائبٍ للرئيس.

55
اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *