مفاوضات غزة وتفاصيل ما يجري على الأرض

قالت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، الخميس، إن مساعي التوصل إلى اتفاق بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، تشهد حالة من التقدّم البطيء جداً، والمترافق مع جمود سياسي وعسكري، وتضارب المواقف الإسرائيلية، واستفحال إجرام الاحتلال، وتفاقم المأساة الإنسانية في القطاع.

وأضافت الصحيفة، أنه “من المتوقّع أن يزور وفد إسرائيلي الدوحة أو القاهرة، خلال الأيام المقبلة، للانضمام إلى المفاوضات، فإن الفجوات العميقة لا تزال حاضرة، فيما لم يُسجّل أي اختراق فعلي في مسار التفاوض”.

وأشارت إلى أن ذلك يأتي في حين تستمرّ الوساطة المصرية – القطرية في محاولة لسدّ الفجوات، والتوصّل إلى صيغة توافقية، فإن إسرائيل – بحسب المعلومات – أبدت تجاوباً مع بعض البنود الواردة في المقترح المصري – القطري الجديد، والذي ينصّ على وقف إطلاق نار طويل الأمد يمتدّ لسبع سنوات.

وذكرت مصادر مصرية رفيعة لقناة “كان” العبرية، أن “إسرائيل لا تزال تتحفّظ على أربع نقاط أساسية في الوثيقة”، من دون الكشف عن فحواها. وعلى رغم التصريحات الإسرائيلية الرسمية، والتي توحي برغبة في منح المفاوضات “فرصة أخيرة” قبل توسيع العملية العسكرية، فإن الواقع الميداني يناقض هذا التوجّه، في ظل استمرار القصف المكثّف وتدهور الأوضاع الإنسانية، وهو ما ترى فيه القاهرة مؤشراً سلبياً لا يتماشى مع أجواء التفاوض.

في المقابل، تتحضّر حركة ” حماس ” لطرح مبادرة متكاملة – خلال اجتماع مقرّر في القاهرة -، تتضمّن خمسة بنود أساسية أبرزها صفقة تبادل شاملة تشمل إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين مقابل عدد متّفق عليه من الأسرى الفلسطينيين، بالإضافة إلى وقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب قوات الاحتلال من القطاع، ورفع الحصار، والشروع في إعادة الإعمار.

كما يتضمن الطرح تشكيل “لجنة محلية” مستقلة لإدارة شؤون القطاع، وتثبيت التفاهمات الوطنية على قاعدة “اتفاق بكّين” الموقّع عام 2024.

لكن، في المقابل، تُصرّ الحكومة الإسرائيلية، بحسب تصريحات رئيسها بنيامين نتنياهو، أمس، على المضي في الحرب حتى “تدمير حركة حماس”، مجدّدة رفضها القاطع لأي تسوية تُبقي على وجود الحركة السياسي أو العسكري.

وكرّر نتنياهو أن الحرب لا تهدف إلى “إعادة الأسرى”، فقط، بل هي جزء من استراتيجية شاملة تهدف إلى القضاء على حركة “حماس”، وإضعاف “حزب الله” ومنعه من التعافي، ومنع إيران من تطوير برنامجها النووي.

لكنّ استراتيجية نتنياهو هذه، ليست محلّ توافق كامل بين المستويين العسكري والسياسي في إسرائيل، وإن كان ثمة توافق على الأهداف المتوخّاة، إذ تظهر حالة انقسام واضحة في هذا الشأن حتى داخل “الكابينت”؛ فبينما يطالب بعض الوزراء بتوسيع المعركة، يتريّث آخرون، مثل نتنياهو ووزير الأمن يسرائيل كاتس، في اتخاذ القرار، مراهنين على منح المفاوضات وقتاً إضافياً. وفي المقابل، تبرز التصريحات اللافتة لوزير المالية اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، الذي هدّد بأن إدخال مساعدات إنسانية إلى غزة قد يُشكّل مبرّراً للدعوة إلى انتخابات مبكرة خلال تسعين يوماً، في محاولة لفرض استمرار المعركة، من دون أي فرصة لتحقيق اتفاق، ولو كان جزئياً.

وفي هذا السياق، نشب خلاف بين سموتريتش ورئيس الأركان إيال زامير، خلال اجتماع “الكابينت”، مساء الأول من أمس، على خلفية مسألة توزيع المساعدات، إذ أكّد زامير أن الجيش يحافظ على 3 مبادئ، وهي أن لا يصل الوضع في غزة إلى حدّ المجاعة، وأن يُبذل أقصى ما يمكن لضمان عدم وصول المساعدات الإنسانية إلى “حماس”، وقبل كل ذلك، فإن الجيش لن يوزّع بنفسه المساعدات على الفلسطينيين.

وإذ قال كاتس إنه “خلال 10 إلى 15 يوماً ستدخل المساعدات إلى غزة”، ردّ زامير قائلاً: “الجيش لن يوزّعها”. وهذا ما دفع سموتريتش إلى مهاجمة رئيس الأركان بالقول: “أنت لا تختار مهامك”، ثم تهديده بأنه “إذا لم تكن قادراً، سنجلب شخصاً آخر”.

أما وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، فاعتبر أن الجدل حول من يجب أن يُدخل المساعدات الإنسانية إلى غزة، “سخيف من أساسه”، لأن القطاع بأكمله – بحسب بن غفير – “لا يُفترض أن تدخل إليه أي ذرة من المساعدات – طالما أن أسرانا ما زالوا هناك – لا من قبل جهة خارجية، ولا من قبل جنود الجيش الإسرائيلي”.

وفي ظل الخلاف داخل “الكابينت”، طلب نتنياهو إلى رئيس هيئة الأركان تقديم خطة واضحة بخصوص توزيع المساعدات في غزة، على أن يجري نقاشها بشكل موسّع في اجتماع “الكابينت”، القادم.

وبحسب موقع “واللا”، فإن الخطة التي سيقدّمها الجيش، “تقوم على احتلال مدينة رفح والسيطرة عليها بالكامل، وتحويلها إلى منطقة خالية من القتال، ثم يتمّ نقل أعداد كبيرة من الفلسطينيين إليها، وهناك يجري توزيع المساعدات الإنسانية” عليهم. لكن حتى في هذه الحالة، فإن الجيش يصرّ على أن لا يقوم جنوده بمهمّة التوزيع، لمنع الاحتكاك مع الفلسطينيين.

243
التعليقات مغلقة