تخضع آيا صوفيا، المعلمة المعمارية الأيقونية في تركيا، لعملية ترميم بارزة تهدف إلى الحفاظ على هذا الصرح التاريخي المذهل الذي لطالما كان رمزاً للمدينة العتيقة إسطنبول. المعلم الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 1486 عاماً، والذي مر بتطورات تاريخية عظيمة من كاتدرائية إلى مسجد، ثم متحفاً، ليعود مرة أخرى مسجدًا – يعتبر جزءًا أساسيًا من أفق إسطنبول وسجلًا حيًا للتراث الثقافي.
ومع مرور الوقت، بدأت آثار العوامل الطبيعية والزمان تظهر على الهيكل التاريخي الضخم، وهو ما دفع السلطات التركية إلى الشروع في عمليات ترميم دقيقة لضمان استدامته للأجيال القادمة. وقد تم تحديد نقاط الضعف الهيكلية للمبنى من خلال محاكاة الزلازل، وهو إجراء متقدم تم اعتماده للتأكد من قدرة المبنى على الصمود في وجه أي هزات أرضية قوية قد تحدث في المستقبل.
وضع المحاكاة الزلزالية أيدي الخبراء على العديد من الأجزاء الهشة في الهيكل، ما جعلهم يضعون خطة شاملة لتقويتها. ولكن، كما أشار المؤرخون والمهندسون، فإن هذا المشروع الكبير لن يخلو من المفاجآت. مع هيكل بهذا القدم وهذا التاريخ العميق، فإن عمليات الترميم قد تكشف عن المزيد من التحديات غير المتوقعة بمجرد بدء العمل الفعلي.
فيما قد صرح مؤرخ الفن البيزنطي، لوكالة رويترز أسنو بيلبان يالتشين، أن هذه الأعمال تفتح صفحة مهمة في تاريخ آيا صوفيا. حيث يعتبر الحفاظ على قبة المبنى الأيقونية أهم جزء من هذه الترميمات، لذا إليكم ما نعرفه عن كيفية تطورها. كذلك سوف يجري تفكيك أغطية القبة وإصلاحها أو استبدالها، حيث سوف يساعد هيكل فولاذي واقٍ على حماية الجزء الداخلي وكذلك حمايته من تقلبات الطقس الموسمية. داخل المبنى سوف تدعم 4 أعمدة منصةً تسمح بترميم فسيفساء آيا صوفيا، وكذلك سوف تُستخدم رافعة للعمل على السقف والقبة والمآذن.
وأضاف مؤرخ الفن البيزنطي، “فهو بالتأكيد مبنى مليء بالمفاجآت، لأن الأمور تتطور بطريقة لا نتوقعها أحيانًا ، أي أنك تصممه وتخطط له، ولكن عند التعمق في استكشافه، قد تتطور الأمور بشكل مختلف”.
وكان قبل نحو 70 عاماً، قد حولت الجمهورية التركية العلمانية المبنى إلى متحف، إلا إنه منذ عام 2020 ، عاد إلى استخدامه كمسجد، حيث يستقبل المصلين والزوار على حد سواء “مع أنه قد بات من الضروري دفع رسوم دخول منذ أوائل عام 2024 وهو محمي من قِبل اليونسكو منذ عام 1985.
في إطار هذا المشروع، يتم تنفيذ أعمال الترميم بعناية فائقة لضمان الحفاظ على الطابع التاريخي والمعماري للمبنى، في الوقت الذي يتطلب فيه الأمر تعزيز البنية التحتية من أجل توفير حماية أكبر ضد الزلازل. ما يجعل هذا العمل أكثر تعقيدًا هو تعدد الأدوار التي لعبتها آيا صوفيا عبر العصور المختلفة – من كاتدرائية مسيحية إلى مسجد ثم متحف، مما يجعل كل جزء من البناء يحمل بصمات حضارات مختلفة.