في صباح الأحد 18 أيار/ مايو 2025، استيقظ سكّان تجمّع “مغاير الدير” البدوي شرق مدينة رام الله على مشهد أصبح مألوفًا في السنوات الأخيرة في مناطق الرعاة الفلسطينيين داخل المنطقة “ج”، وأحيانًا حتى في المنطقة “ب”: بؤرة استيطانية جديدة أقيمت على أراضيهم أو بمحاذاتها، بسقائف وسياجات وقطيع مستورد، تحت حماية شبّان مستوطنين ومليشيات مسلّحة.
ووفقًا لما رصدته منظمة “كيرم نبوت”، فإن البؤرة هذه المرة نُصبت على مسافة لا تتجاوز عشرات الأمتار من منازل التجمّع، في خطوة تصعيدية تستهدف ما تبقى من وجود فلسطيني في المنطقة. وقد نقلت صحيفة “هآرتس” عن أحد المستوطنين القائمين على البؤرة قوله: “هذا هو المكان الوحيد الذي تبقّى. بفضل الله طردنا الجميع، طردناكم أنتم أيضًا معهم”، في إشارة صريحة إلى سياسة الطرد التي أدت إلى تفريغ سلسلة تجمّعات فلسطينية مجاورة منذ صيف 2022.
وكانت “كيرم نبوت” قد سلّطت الضوء في منشور سابق في كانون الثاني/ يناير 2024 على واقع “مغاير الدير”، ضمن سلسلة توثّق التجمّعات الفلسطينية المهددة بالإخلاء الفوري، بفعل هجمات المستوطنين المنطلقة من مستوطنة “معاليه مخماش” والبؤر العنيفة المحيطة بها. وتشير المنظمة إلى أنّ هذه الأنشطة العدوانية تصاعدت بشكل خاص بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
ويكشف التحقيق أنّ البؤرة الجديدة أُقيمت على أراضٍ مُسجّلة كـ”أراضٍ أميرية” في عهد الإدارة الأردنية، وهي أراضٍ تمّت مصادرتها لاحقًا من قِبل “إسرائيل” ونقلها إلى مجلس “ميته بنيامين” الاستيطاني، الذي يُرجّح أنّه يقف خلف هذا المشروع الاستيطاني الأخير.
وفي تعقيب على الحدث، صرّح الجيش الإسرائيلي لمراسلة “هآرتس” بأن “الأرض التي أُقيمت عليها البؤرة لا تكتسح المنطقة التي يقطن فيها البدو”، في تبرير وُصف بأنه محاولة لتبرئة ساحة المؤسسة العسكرية من التورط المباشر في هذا التهجير.
وترى منظمة “كيرم نبوت” أنّ هذا التطور يمثّل دليلًا إضافيًا على انخراط الجيش الإسرائيلي في حملة منهجية لطرد الرعاة الفلسطينيين من مناطقهم في الضفة الغربية، تحت غطاء قانوني وإداري يوفره التعاون مع المجالس الاستيطانية.