سي إن إن: غزة لم تعد مألوفة لأهلها وخطة عربات جدعون لا تترك لهم مكانًا يلجؤون إليه

جاء في التقرير أن بعض سكان شمال غزة نزحوا إلى الساحل القريب في محاولةٍ أخيرة للهروب من القصف المتجدد، بعد أن أنهكهم العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 19 شهرًا. بينما ينام آخرون في خيام محاطة بأنقاض منازلهم المدمرة، ومايزالون يرفضون المغادرة حتى الآن.

وأوضح التقرير، أنه منذ خرقت إسرائيل وقف إطلاق النار في منتصف آذار/مارس، أصبح ما لا يقل عن كيلومترين إلى ثلاثة كيلومترات داخل حدود غزة البرية منطقة محظورة، تشمل منطقة عازلة بعرض كيلومتر واحد إلى جوار غلاف غزة، حيث تم تجريف المنازل والمصانع والأراضي الزراعية بشكل منهجي.

إلى جانب ذلك، يحظر جيش الاحتلال الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط لصيد الأسماك. ووفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، فقد تم تدمير معظم قوارب الصيد، كما تم استهداف الفلسطينيين الذين يصطادون على بعد أمتار من الشاطئ.

وأنشأ جيش الاحتلال ممرًّا عسكريًا في أوائل نيسان/أبريل، وهو ”ممر موراج، بهدف ”تقسيم القطاع“. وهذا واحد من أربعة ممرات على الأقل أنشأها جيش الاحتلال للسيطرة على غزة من خلال هدم وإزالة جميع المباني والأراضي الزراعية لإفساح المجال أمامها.

ومنذ 18 آذار/مارس الماضي، أصدر جيش الاحتلال ما لا يقل عن 31 أمر إخلاء شملت مناطق واسعة من قطاع غزة، وأحيانًا بمعدل أمرين في اليوم. ونتيجة لذلك، تم تهجير ما يقدر بنحو 600 ألف شخص، وفقًا لمجموعة إدارة المواقع التي تقودها الأمم المتحدة.

وفي شمال غزة، ترافقت هذه الأوامر مؤخرًا مع تعليمات بالتحرك جنوبًا، على الرغم من الهجمات المستمرة في قطاع غزة أيضًا. وقد انتقدت مجموعات الإغاثة هذه الأوامر، ووصفتها بأنها مربكة وغير دقيقة في كثير من الأحيان وتعتمد بشكل مفرط على اتصال بالإنترنت الذي لا يستطيع معظم الناس في غزة الوصول إليه إلا بشكل متقطع.

وبيَّن التقرير، أن غزة لم تعد مألوفة لأهلها، فمعظم المعالم مدمرة أو متضررة، بما في ذلك المحلات التجارية والأشجار والطرق، مما يجعل التنقل أكثر صعوبة، حيث يحتاج الناس إلى المرور عبر نقاط التفتيش العسكرية المكثفة، وعادةً ما يكون ذلك سيرًا على الأقدام.

وقالت إيمان الآغا، وهي أم لستة أطفال، إنها أُجبرت على النزوح من مدينة بيت لاهيا تحت نيران الجيش الإسرائيلي. وأضافت: ”أنا في الشارع مع أطفالي منذ ثلاثة أيام، ولا أجد مكاناً أستقر فيه. أتمنى الموت في أي لحظة. لا أعرف ماذا أفعل مع أطفالي أو إلى أين ستأخذنا هذه الحياة. لا يوجد حل“.

وأوضح تقرير “سي إن إن”، أنَّ المناطق المتبقية التي لم تخضع لأوامر الإخلاء أو العسكرة متضررة بشدة. فقد أظهر تقييمٌ أجراه مركز الدراسات العليا في جامعة نيويورك، أن 60 في المئة من المباني مدمرة. بينما قالت وكالة “الأونروا” إن 92 في المئة من المنازل إما تضررت أو دمرت. ووفقًا لمركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة، فإن 68 في المئة من الطرقات متضررة أيضًا، مما يزيد من تعقيدات نقل المساعدات حول القطاع.

ووجد تقرير نُشر في مجلة علوم الاستشعار عن بعد أن حوالي 80 في المئة من المحاصيل الشجرية -مثل الزيتون وأشجار الفاكهة- يُحتمل أن تكون قد تضررت، بالإضافة إلى 65 في المئة من البيوت البلاستيكية المستخدمة لزراعة الأغذية مثل الطماطم والخيار والفلفل والفراولة. كما أفادت منظمة الأغذية والزراعة أن جميع الأراضي الزراعية في رفح، وتقريبًا جميع الأراضي الزراعية في المحافظات الشمالية لا يمكن الوصول إليها.

وعلى أثر أوامر الإخلاء، والنزوح الناتج عنها، تحولت منطقة المواصي من أرض زراعية ريفية إلى المنطقة الأكثر اكتظاظًا بالسكان، حيث يُقدر عدد النازحين فيها بنحو 116 ألف شخص، أي ما يقرب من 6 في المئة من إجمالي السكان، وفقُا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

وقال عمر السقا، الذي ينتمي إلى منظمة أطباء بلا حدود الإغاثية في خان يونس، إنه لم تعد هناك خيام متوفرة ولا توجد مساحة كافية لإقامة الناس. وأضاف: ”لا أعرف ماذا أجيب عندما يسألني الزملاء أين يمكنهم الذهاب مع أطفالهم في منتصف الليل. لقد نفدت خياراتنا للبقاء على قيد الحياة“.

بينما قالت ندى صيام، وهي امرأة نازحة وضعت مولودها في خيمتها في مدينة غزة الأسبوع الماضي، إنه لا يوجد حتى سرير لمولودها الجديد لينام عليه. ”طفلي عمره يومان ويعاني من الحر الشديد. هناك الكثير من البعوض والجرذان حولنا. نحن نعيش في الشوارع وسط كل هذه القاذورات” أضافت صيام.

ويؤكد تقرير “سي إن إن”، أنَّ المرافق الطبية تعاني بالفعل من نقص حاد في ”جميع المواد الأساسية تقريبًا، بدءًا من المواد الاستهلاكية الأساسية إلى الوقاية من العدوى ومكافحتها، وصولاً إلى الأدوية المنقذة للحياة“.

وبالإضافة إلى المساعدات الطبية، يقول الخبراء إن خطط إسرائيل للتهجير ستستلزم إعادة هيكلة كبيرة لنظام إمدادات المياه في غزة، الذي دُمر أو تضرر جزء كبير منه بالفعل منذ بدء الحرب.

وقال ويم زفينبورغ، الذي يحلل الأثر البيئي للصراعات لصالح منظمة السلام الهولندية، إن إجبار السكان على التنقل سيزيد من تعقيد الوصول إلى المياه لأنه سيتعين إنشاء نقاط مياه جديدة، وطرق جديدة، وشاحنات مياه جديدة“.

وأفادت “اليونيسف” أن هناك مئات الشاحنات المحملة بالمياه والصرف الصحي ومستلزمات النظافة عالقة خارج القطاع وجاهزة لعبور الحدود “في أي لحظة بمجرد السماح لها بالدخول”.

وبحسب شبكة “سي إن إن”، فقد قوبلت خطط إسرائيل للتهجير بردود فعل دولية عنيفة في الأسابيع الأخيرة، حيث هدد قادة المملكة المتحدة وفرنسا وكندا باتخاذ ”إجراءات ملموسة“، بما في ذلك فرض عقوبات، إذا لم توقف إسرائيل عملياتها العسكرية الأخيرة وتواصل منع دخول المساعدات إلى غزة.

وأكدت الشبكة أن العديد من الفلسطينيين في قطاع غزة يؤكدون أنهم سيقاومون الخطط الإسرائيلية. واحدٌ من هؤلاء، عبد الناصر صيام، الذي يتشارك خيمة مع 22 شخصًا آخر في شمال غزة، وقال لشبكة “سي إن إن”: “هذه أرضنا، ولن نغادرها. سوف نقاوم. تخيل فقط كيف سيكون الوضع لو غادرنا وذهبنا إلى أرض الآخرين“.

77
اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المشاركات الأخيرة: