الحكومة الإسرائيلية تشرع بإجراءات إقالة مستشارتها القضائية وسط جدل داخلي

بدأت الحكومة الإسرائيلية، اليوم الأحد، خطوات لإقالة المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهراف–ميارا، في خطوة أثارت جدلًا قانونيًا واسعًا وسط اتهامات متبادلة بين الأطراف بتسييس الجهاز القضائي وعرقلة عمل الحكومة.

وناقشت الحكومة الإسرائيلية مقترحًا قدّمه وزير العدل ياريف ليفين يقضي بإقالة بهراف–ميارا من منصبها دون المرور عبر لجنة التعيينات، خلافًا لما ينص عليه القانون.

ويهدف المقترح إلى تمكين الوزراء من تجاوز شرط الاستشارة مع اللجنة بحجة عدم التمكن من تشكيلها.

وقدّمت بهراف–ميارا مذكرة قانونية تعارض هذا التوجه، جاء فيها: “القرار الحكومي المتسرع لتعديل آلية إنهاء ولاية المستشارة القضائية غير قانوني ويتناقض مع أحكام المحكمة العليا”. وأضافت أن فشل الحكومة في تشكيل اللجنة لا يشكل مبررًا كافيًا لتغيير الإجراءات وفتح الباب أمام إقالة تعسفية قد تُسهم في تسييس المنصب.

من جانبه، دافع وزير العدل عن الخطوة، مشيرًا إلى تصاعد الخلافات بين الحكومة والمستشارة منذ تصويت الحكومة في آذار/ مارس الماضي لصالح إقالتها، الأمر الذي تسبب، بحسب وصفه، في تعطيل عدد من الملفات الحكومية. وقال ليفين: “لم تعد هناك حاجة للتشاور مع لجنة التعيينات. يجب تمكين الحكومة من اتخاذ قرارها فورًا والعمل مع مستشار يحظى بثقتها”.

يُذكر أن لجنة التعيينات المخولة بإقرار الإقالة لا تزال غير مكتملة التشكيل، وهو ما فشلت الحكومة في معالجته. وفي حال تمرير المقترح، من المتوقع أن يُحال إلى المحكمة العليا، التي يُرجّح أن توقف تنفيذه، لا سيما أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو محظور عليه قانونيًا التدخل في الملف بموجب اتفاق تضارب المصالح الموقّع.

وكان ليفين قد شنّ، يوم الخميس الماضي، هجومًا حادًا على بهراف–ميارا وعلى القاضي عميت خلال مظاهرة مؤيدة للإجراءات الحكومية، واصفًا المستشارة القضائية بأنها “ذراع عميت الطويلة، ليست مستشارة بل فشل ديمقراطي”، متهمًا إياها بعرقلة تعيين رئيس جهاز الشاباك في وقت الحرب، وبمحاولة إثارة الفوضى في الجهاز الإداري، ومعارضة إصلاحات إعلامية.

وفي جلسة اليوم، صادقت الحكومة رسميًا على مقترح وزير العدل بتعديل إجراءات إقالة المستشارة القضائية. وفور الموافقة، دعا ليفين الوزراء إلى عقد جلسة استماع للمستشارة تمهيدًا لعزلها.

يُذكر أن ليفين كان قد بدأ مسار إقالة بهراف–ميارا في آذار/ مارس الماضي عبر إرسال مقترح إلى الوزراء للتصويت على سحب الثقة منها، مستندًا إلى ما وصفه بـ”تصرفاتها غير اللائقة وخلافات عميقة وطويلة الأمد بينها وبين الحكومة”.

في المقابل، أعرب عدد من كبار القانونيين السابقين عن معارضتهم الشديدة لهذه الخطوة. ففي عريضة وُقعت، بتاريخ 20 آذار/ مارس 2025، أكد عدد من أبرز المستشارين القضائيين السابقين، من بينهم رئيس المحكمة العليا الأسبق أهارون باراك، ويتسحاق زامير، ميخائيل بن يائير، إلياكيم روبنشتاين، ميني مزوز، يهودا فينشتاين، وأفيحاي مندلبليت، أن لا أساس قانوني لإقالة بهراف–ميارا، محذّرين من أن مثل هذه الخطوة ستلحق ضررًا بالغًا بسيادة القانون.

وأشار الموقعون إلى أنهم يتابعون عن كثب أداء المستشارة، ووجدوا أنها تواجه تحديات استثنائية وغير مسبوقة. وجاء في العريضة: “في رأينا، تؤدي المستشارة مهامها بما يتماشى مع المبادئ القانونية، باعتبارها جهة استشارية للحكومة وحامية لسيادة القانون”. وأكدوا أنها تعمل “بدافع الالتزام بالقانون دون خوف أو محاباة، مما يجعلها تستحق التقدير”.

وأشارت العريضة إلى أن الخلافات بين الحكومة وبهراف–ميارا تعكس أساسًا رفض الحكومة العمل وفق الأطر القانونية القائمة، وشدد الموقعون على أن مثل هذه الخلافات لا تبرر إقالتها بأي شكل من الأشكال.

كما نبّه الموقعون إلى أن المستشار القضائي يُعد بمثابة المستشار القانوني الأعلى للحكومة، إلى جانب كونه الحارس الأساسي لسيادة القانون في الدولة، نيابة عن الجمهور ولخدمة الصالح العام، وحماية مبادئ الديمقراطية وقيم الدولة.

وختم الموقعون تحذيرهم بأن إقالة المستشارة لن تمس فقط بسيادة القانون، بل ستقوض كذلك “الاستقلال المهني لجهاز الاستشارة القضائية للحكومة وتضعف قدرته على أداء مهامه كما ينبغي”.

36
اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المشاركات الأخيرة: