أوقفت المحكمة العليا الإسرائيلية جميع جلساتها المتعلقة بحقوق الفلسطينيين في غزة، مستندةً في قرارها إلى حالة الطوارئ التي أعلنتها الجبهة الداخلية، وفق ما أفادت به صحيفة “هآرتس” يوم الأربعاء.
وجاء في تقرير نشرته “هآرتس”، أن المحكمة العليا في إسرائيل أوقفت النظر في سلسلةٍ من الالتماسات الحساسة التي تتعلق بشرعية العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، ما أثار مؤسسات حقوق الإنسان، التي رأت أن المحكمة تمنح الحكومة “تفويضًا مطلقًا” بانتهاك القانون الدولي دون رقيب قضائي.
وأشارت “هآرتس” إلى أن المحكمة اعتمدت على مرسوم طارئ وقّعه وزير القضاء ياريف ليفين، يقضي بعقد جلسات للنظر فقط في القضايا العاجلة مثل الاعتقالات والتحقيقات الجنائية المرتبطة بالحرب، فيما تُركت قضايا حقوق الإنسان دون معالجة.
وأكد التقرير أن المحكمة العليا الإسرائيلية أظهرت منذ بداية الحرب موقفًا مؤيدًا لمعظم سياسات الحكومة في غزة، بل وأجلت النظر في التماسات تركزت على الاحتياجات الإنسانية الملحة مثل الغذاء والرعاية الصحية.
أحد الملفات التي تحدث عنها التقرير، التماسٌ تقدمت به جمعية حقوق المواطن، تطالب فيه بتوفير الغذاء الأساسي للأسرى الفلسطينيين، مشيرة إلى تدهور ملحوظ في أوزان المعتقلين بسبب تقليص الحصص الغذائية، ما عدَّته الجمعية شكلاً من أشكال التعذيب وسوء المعاملة.
وأوضحت “هآرتس”، أنه مع تصاعد الضغوط السياسية، دفعت منظمة “الحوكمة والديمقراطية” اليمينية لإلغاء جلسة النظر في ظروف الأسرى الأمنية، ونجحت بذلك، حيث صرحت المنظمة أن “في ظل حالة الحرب، لا يمكن للمحكمة الانشغال بمحتويات وجبات السجناء الأمنيين”. وبعد ساعات من ذلك، أعلنت المحكمة إلغاء الجلسة دون تحديد موعد بديل.
وأكد محامي جمعية حقوق المواطن أنه منذ بداية الحرب تم رصد حالات تعذيب، وعنف شديد، وإذلال متعمد، وتدهور صحي أدى إلى وفيات يمكن تجنبها”. وقال: “لدينا شهادات على تجويع آلاف الأسرى وتراجع خطير في أوزانهم، وليس هناك قرار رسمي من الحكومة بهذا الشأن، بل هي نتائج مباشرة لهوس إيتمار بن غفير القومي.”
وأضاف أن رئيس جهاز “الشاباك” المنتهية ولايته رونين بار، حذر من أن ممارسات إدارة السجون قد ترقى إلى جرائم حرب بموجب القانون الدولي، وتنتهك اتفاقية مناهضة التعذيب.
وفي قضية أخرى، سمح قاض في المحكمة العليا لحكومة نتنياهو بتأجيل الرد على التماسات تطالب بضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وقال تقرير “هآرتس” إن المحكمة تمنح الدولة مزيدًا من الوقت رغم الأدلة على وفاة عشرات الفلسطينيين أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء، وتعرض القطاع لخطر المجاعة.
ورغم محاولات حكومة نتنياهو الادعاء بتغير الظروف الميدانية، إلا أن منظماتٌ حقوقيةٌ أكدت أن الأزمة الإنسانية في غزة تتفاقم بشكل كبير، حيث يعاني أكثر من ألف طفل من سوء تغذية حاد، وتضاعف عدد الوفيات المرتبطة بالجوع في الآونة الأخيرة.
وعلقت محامية منظمة “جيشا” على وقف عمل المحكمة قائلة: “في أوقات الحرب تحديدًا، يكون الناس العاديون في حاجة ماسة لحماية المحاكم من بطش الدولة، لكن بدلاً من ذلك، نرى المحاكم تُظهر تساهلاً مفرطًا وتحول الدولة إلى ضحية.”
وكشفت الصحيفة أن ثلاثة جنود احتياط قدموا التماسًا إلى المحكمة العليا يطالبون فيه بوقف سياسة “نقل السكان” في غزة باعتبارها “غير قانونية” و”جريمة محتملة”، وذلك في خطوة غير مسبوقة منذ بداية الحرب.
وأوضح الجنود، الذين يخدمون حاليًا في غزة والشمال، أن الترحيل القسري يتم دون نية لإعادة السكان، بل بهدف تهجيرهم نحو دول ثالثة.
وجاء في الالتماس: “إذا كان هذا صحيحًا، فنحن أمام خروقات خطيرة جدًا للقانون الدولي، وقد تكون جرائم ضد الإنسانية.”
وأكدت “هآرتس” أن ما يحدث في غزة لا يمكن أن يستمر، مشيرة إلى أن صور الجثث المتراكمة في طوابير الخبز كافية لإدانة إسرائيل، “والمطلوب الآن عقوبات شاملة على الحكومة، من نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية إلى آخر جندي ينفذ سياسة التجويع”.