سرقة الطحين في غزة.. تحركات يعززها الاحتلال الإسرائيلي لإشاعة الفوضى

تقرير: أمل زياد عيد

يشهد قطاع غزة حالة من الفوضى والانهيار الإنساني غير المسبوق، حيث تتضافر الأوضاع الأمنية والسياسية مع أزمة الغذاء الناتجة عن الحصار المستمر، إذ تعرضت مخازن الدقيق لعدة هجمات شبه منظمة، وقامت مجموعات مسلحة بسرقة كميات هائلة من المساعدات الإنسانية، مما زاد من معاناة السكان الذين يعيشون بالفعل في ظروف قاسية، ما أدى إلى نقص حاد في المواد الغذائية الأساسية، وارتفعت أسعار السلع بشكل غير مسبوق، مما دفع بالعديد من المواطنين إلى اتخاذ خطوات يائسة في ظل جوع مأساوي وأمل ضئيل في تحسين الوضع.

في الشارع الذي تعيش فيه هناء*، توجد مخازن مملوءة بالدقيق، ووفقًا لها، هاجمتها في البداية مجموعة من الرجال المجهولين، كانوا على “تكتك”، وقاموا بكسر الأقفال وسرقة العشرات من أكياس الدقيق، وذهبوا بها، ومن ثم تدافعت الناس وأبناء الحي إلى المخازن للحصول على ما تبقى، وفرغت من الدقيق. وتقول: “كان من المفترض أن نستلم دفعتنا من الدقيق من هذه المخازن، ولكن تمت سرقتها وبيعها في السوق بأسعار باهظة، وذهبت في اليوم التالي إلى السوق، فوجدتهم يبيعون الكيس الواحد بـ 400 شيكل”.

مهمة غير معلومة

يروي عادل*، سائق “كارة”، تفاصيل ما حصل عندما هاجم مسلحون مخازن الأونروا للدقيق، قائلًا: “أوقفني 3 رجال في الشارع وطلبوا مني أن أقوم بتوصيلهم، وتفاجأت أنهم ذاهبون لسرقة الدقيق، وطلبوا مني انتظارهم مقابل كيس دقيق و100 شيكل، لنقل الطحين الذي سيأخذونه، وبالفعل قام الثلاثة بأخذ ما يقارب 40 كيسًا، وكان معهم أدوات حادة وأسلحة بيضاء، وعندما امتلأت الكارة أوصلتهم لوجهتهم، وفرغوا الكمية في مخازن صغيرة لديهم، وطلبوا مني العودة معهم لأخذ كمية أخرى، ولكنني رفضت بسبب خطورة الوضع، حيث كان المكان ممتلئًا بالمسلحين ومزدحمًا جدًا، وهناك من تعرضوا للضرب والاختناق، والبعض حاولوا مهاجمتي وسرقة الكارة مني”. وبحسبه، اتفقت المجموعة على بيع نصف الكمية مقابل 600 شيكل للكيس الواحد، وترك البقية لفترة قادمة وبيعها بسعر أعلى.

قوت الناس

أعرب الثلاثيني منصور* عن ندمه لعدم شراء كيس الدقيق مقابل 200 شيكل، حيث كان يستطيع الشراء وقتها، ولكن عندما ارتفع سعر الكيس إلى ألف شيكل، لم يستطع شراءه، فهو لم يكن يعلم بالقادم، حسب وصفه. ويقول: “كنت في طريقي إلى البيت عندما كانت الناس تسرق الطحين وتخرج به من البركسات، وسألت أحدهم هل هذا الطحين تسليم، قال لي لا، فتحوا البركس وكل الناس أخذت، وعرض عليّ للبيع مقابل 200 شيكل، لكني رفضت”. ويتابع بندم: “ياريتني شريت كيسين بدل كيس، المبلغ كان مقدورًا عليه، لكن عندما احتجت فعلًا شراء الطحين، وجدته بألف شيكل”.

وأعلنت وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا”، في الثاني من نيسان/أبريل، عن تعرض عدة مخازن للنهب، وسرقة ما يقارب 20 ألف كيس دقيق، كان من المفترض أن يتم توزيعها على فئة الـ 6 أفراد.

وبهذا الشأن تقول إيناس حمدان، مديرة المكتب الإعلامي لـ”الأونروا” في غزة، إن الوكالة سجلت خلال فترة الحرب عددًا من حوادث النهب التي كانت تستهدف قوافل الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية أو حوادث سطو على بعض المخازن التابعة لهم أو لغيرهم من المؤسسات.

وتعلل ذلك بحالة الفوضى واللا قانون التي تسببت بها شهور طويلة من الحرب، وعدم قدرة الشرطة على تأمين قوافل المساعدات، موضحة أنه بعد انهيار الهدنة ازدادت حالة الفوضى، وخصوصًا مع إحكام الحصار على القطاع، حيث لم يُسمح بإدخال أي مساعدات منذ 2 آذار/مارس، أي لمدة حوالي 11 أسبوعًا، ظلت فيها غزة بلا إمدادات جديدة من الغذاء والدواء والمساعدات الحيوية، مما فاقم الوضع الإنساني سوءًا.

وتتابع: “470 ألف شخص في قطاع غزة يواجهون جوعًا كارثيًا بحيث تم تصنيفهم في المرحلة الخامسة والأشد، كما أن جميع السكان في القطاع يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، مع استمرار الحرمان والجوع منذ فترة طويلة”. وتؤكد حمدان، أنه خلال فترة الهدنة تمكنت الأونروا من توزيع الدقيق والطرود الغذائية على أكثر من 1.9 مليون شخص في القطاع، لذلك فالحل الأمثل هو السماح بتدفق منتظم وفعّال ومستمر للمساعدات الحيوية، ومن خلال الآليات التي تُديرها منظمات الأمم المتحدة، والتي لديها خبرة طويلة في هذا المجال، مؤكدة على أن توزيع المساعدات يجب أن يعتمد على الشفافية والحياد والاستقلالية، لمنع تفاقم الكارثة الحالية.

وفي السياق ذاته، قال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، في إحدى تصريحاته الصحفية: “لا ينبغي لأحد أن يتفاجأ، من مشاهد المساعدات الثمينة وهي تُنهب أو تُسرق أو تُفقد، فقد تعرض سكان غزة للتجويع والحرمان من أبسط الأساسيات، لأكثر من 11 أسبوعًا، نفد الطعام من أيدي الأمهات والآباء لأطفالهم”.

وذكر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، أنه على مدار الأشهر الماضية، وقعت عدة حوادث تم فيها نهب المساعدات أو الاستيلاء عليها من قبل الحشود أثناء نقلها من معبر كرم أبو سالم، كما أكد برنامج الأغذية العالمي أنه في 28 أيار/مايو، اقتحمت جحافل من الجائعين مستودع الغفاري التابع لبرنامج الأغذية العالمي في دير البلح وسط قطاع غزة، بحثًا عن الإمدادات الغذائية التي كانت معدة مسبقًا للتوزيع، وخرجت الاحتياجات الإنسانية عن السيطرة.

ضرب الشاحنات

وتعرضت شاحنات إحدى شركات النقل في غزة إلى هجوم من مجموعة مسلحة، ونتج عنه مقتل أحد السائقين، وإصابة ثلاثة آخرين، بالإضافة إلى ما لحق بالشاحنات من أضرار مادية جسيمة أدت إلى خروج عدد كبير منها عن الخدمة.

ويروي مدير الشركة ن.ش* ما حصل، قائلًا: “تكوّنت القافلة من نحو خمسين شاحنة، وانطلقت من معبر كرم أبو سالم مرورًا بطريقها المحدد، إلا أن القافلة وقعت في عدة كمائن نصبتها مجموعات مسلحة خارجة عن القانون، وقد تم خلال هذا الاعتداء الإجرامي إطلاق النار بشكل مباشر على السائقين والشاحنات، مما أدى إلى مقتل عدد من السائقين، وإصابة وخطف آخرين، في مشهد يعكس مستوى خطيرًا من الانفلات الأمني والانحدار الأخلاقي”.

وينوه إلى أن هذه “الجريمة ليست الأولى، لكنها الأخطر ضمن سلسلة من الاعتداءات المتكررة التي تستهدف عمليات الإغاثة، وتعرقل وصول المساعدات إلى مئات الآلاف من المواطنين الذين يواجهون ظروفًا إنسانية قاسية”.

أوضاع مأساوية

ومن ناحيتها، صرحت المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي، عبير عطيفة، أن إدخال المساعدات في هذا الوقت، صعب جدًا، والكميات المسموح بها كميات قليلة جدًا، وأصبحت تهدد حياة الناس بسبب التزاحم والدفع واليأس والجوع، إذ أن كل هذه الأشياء تؤثر على سير العمليات الإنسانية في غزة، وإذا لم يتم إدخال كميات تكفي لجميع السكان في غزة وتساعد على مكافحة الجوع، سيكون هناك تدافع وهجوم وسرقة لشاحنات البرنامج، لأن الجوع لا يفرق، والناس لا تستطيع الانتظار. وتصف الأوضاع في قطاع غزة بالمأساوية، حيث يتزايد انعدام الأمن في القطاع بسبب الجوع واليأس والقلق بشأن ما إذا كانت ستصل المزيد من المساعدات الغذائية أم لا.

وأكدت أن المشكلة الأساسية هي استمرار إطلاق النار واستمرار الاحتلال بعملياته العسكرية داخل القطاع، وما يؤكد ذلك أن البرنامج عمل في أيام الهدنة بكل سلاسة وسهولة وسرعة، وكفاءة في تحديد الأسر المحتاجة للمساعدة، حيث وصلت المساعدات الإنسانية لجميع سكان غزة دون أي معيقات تُذكر، حتى أن عمليات النهب والسرقة لم نشاهدها في هذا الوقت.

وترى أن الحل الوحيد للمشكلة هو فتح المعابر بصورة سريعة وإدخال المساعدات الإنسانية بدون أي تعطيل أو تأخير، موضحة أن هناك أكثر من مئة ألف طن من المساعدات تنتظر فتح المعابر. وعلقت عطيفة على نقاط توزيع المساعدات تحت إشراف مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة أميركيًا وإسرائيليًا، قائلة: “أثبتت المنظمات الدولية الإنسانية نجاح عملها في غزة، فلماذا يتم استبدالها بخطة صعبة جدًا، فما وصلنا عن هذه الخطة لا يتناسب مع المبادئ الإنسانية التي تعمل بها الأمم المتحدة في أي منطقة صراع في العالم، أربعة مناطق توزيع، مقابل المئات من النقاط التي كانت تابعة للمنظمات الدولية!”.

وترى أن الاحتلال الإسرائيلي يقوم بتحييد جميع المؤسسات والمنظمات الدولية وغير الحكومية المعروفة، والتي لها باع وخبرة طويلة في العمل في مناطق الصراع وإدارة الأزمات الإنسانية. ويدعو برنامج الغذاء العالمي جميع الأطراف إلى احترام المبدأ الإنساني والقوانين الدولية، والعمل على تسهيل وصول المساعدات بسرعة وأمان ودون عوائق إلى أكثر من مليوني شخص يعانون من الجوع في جميع أنحاء قطاع غزة.

يُشار إلى أنه منذ بداية عمل شركة المساعدات المدعومة أميركيًا وإسرائيليًا، تعرض الناس إلى عشرات عمليات إطلاق النار من قبل الجيش الإسرائيلي، بالإضافة إلى تقارير عن عمليات غير منظمة، وسلوكيات عشوائية في التوزيع، وعدم انتظام، وتعثر متكرر، إلى جانب نقد أممي وحقوقي على طبيعة توزيع المساعدات.

عصابات واحتلال

قال مدير المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، إسماعيل ثوابتة: “هذه التصرفات غير أخلاقية ومرفوضة تمامًا، ولكن في الوقت نفسه، يجب أن نضع الأمور في سياقها الحقيقي، فنحن أمام شعب يتعرض لتجويع ممنهج نتيجة حصار خانق ومنع متعمد من الاحتلال لإدخال الغذاء والمساعدات، ما يخلق أجواءً من الغليان والضغط الإنساني غير المسبوق، وبالتالي نحن ندعو إلى التمييز بين الظواهر الفردية المدانة وبين الجذور السياسية والإنسانية العميقة للأزمة”.

ويرى ثوابتة، أن هذه الحوادث نتيجة مباشرة للحصار والانهيار الإنساني بفعل العدوان الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، منوهًا إلى أنه يتم التعامل معها بجدية من قبل الأجهزة المختصة، وتم اتخاذ العديد من الإجراءات الفورية بحق كثير من المتورطين في الاعتداء على المساعدات، موضحًا أن الأجهزة الشرطية تتابع وتلاحق المُخالفين وتُطبّق القانون بحقهم بكل حزم، مع الحرص على مراعاة الظروف الإنسانية العامة التي تمر بها البلاد.

ويؤكد ثوابتة، أنهم يولون حماية المساعدات أولوية قصوى، مسخرين كافة إمكانياتهم الشرطية واللوجستية في سبيل ذلك، موضحًا أن كثيرًا من المؤسسات الدولية والجهات الإغاثية العاملة في الميدان تُفضّل أن تعمل دون حضور شرطي مباشر خشية من استهداف الشاحنات أو النقاط اللوجستية، وهو ما حدث فعلًا، حيث استُشهد أكثر من 754 شخصًا من عناصر الشرطة أثناء قيامهم بمهامهم في تأمين المساعدات، ما يعكس حجم التحديات التي يواجهونها.

ويُحمّل ثوابتة، المسؤولية الكاملة للاحتلال، قائلًا: “الاحتلال الإسرائيلي هو المسؤول الأول والمباشر عن هذه الكوارث، كونه يحاصر شعبًا بأكمله ويمنع عنه الغذاء والماء والدواء، ويقصف الشاحنات ومراكز التوزيع، ويتعمد خلق بيئة إنسانية مفخخة بالفوضى والانهيار، ومع ذلك، نحمّل أنفسنا أيضًا جزءًا من المسؤولية الوطنية في مواصلة ضبط الأمور بأقصى ما يمكن من الإمكانات”.

وفي مطلع حزيران/يونيو الماضي، تطرق بيان صادر عن المكتب الإعلامي الحكومي إلى حوادث قتل من ينتظرون المساعدات من قبل الاحتلال، وقال البيان: “منذ 100 يوم بدأت الأحداث بوصول عدد قليل من شاحنات مساعدات إلى مناطق مختلفة، لكنها وقعت تباعًا ضحية لاستهداف الاحتلال أو لسطو منظم نفذته عصابات مسلحة مدعومة ضمنيًا من الاحتلال بهدف إشعال الفوضى الميدانية”.

وفي ذات السياق، اعتبرت وزارة الداخلية أن إعلان الاحتلال لجوئه لدعم وتشكيل عصابات في قطاع غزة لإحداث الفوضى والسطو على المساعدات وارتكاب الجرائم، يمثل اعترافًا رسميًا بمسؤوليته عن سرقة المساعدات وأعمال الفوضى داخل القطاع.

وجدير بالذكر، أنه في 15 تشرين الثاني/نوفمبر، اتهمت 25 منظمة غير حكومية، في تقرير مشترك، جيش الاحتلال بتشجيع نهب المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، من خلال مهاجمة قوات الشرطة الفلسطينية التي تحاول مكافحته. وجاء في تقرير المنظمات، وبينها “أطباء العالم، وأوكسفام، والمجلس النرويجي للاجئين”، أن النهب مشكلة متكررة، نتيجة استهداف إسرائيل ما تبقى من قوات الشرطة في غزة، ونقص السلع الأساسية، وانعدام الطرق، وإغلاق معظم نقاط العبور، ويأس السكان الذي يؤدي إلى هذه الظروف الكارثية.

وفي مطلع الشهر الحالي، سمحت الرقابة العسكرية الإسرائيلية بنشر تفاصيل تسليح عصابة تنشط في جنوب قطاع غزة، وتدريبها على استخدام السلاح، كانت معروفة بسرقة المساعدات تحت أعين الجيش الإسرائيلي، وبالأخص في منطقة رفح، إذ كانت العصابة مسؤولة عن أكبر عمليات سرقة الشاحنات، وتحديدًا شاحنات الأمم المتحدة، ووصلت في بعض الحالات إلى أكثر من 100 شاحنة، وهو ما وُثّق في تقارير أممية وحقوقية.

عصابات ومنظمة

من جهته، يرفض ائتلاف أمان حالات الاعتداء المستمرة على المساعدات الإنسانية، ويعتبرها جريمة يساهم الاحتلال في تعزيزها بهدف إشاعة الفوضى. ويرى مدير مكتب أمان في غزة، وائل بعلوشة، أن هناك جريمة شبه منظمة يساعد الاحتلال على حدوثها بهدف خلق حالة من الارتباك، ويبدو ذلك من خلال سعي الاحتلال إلى استهداف الأجهزة المناط بها حماية وإدارة المساعدات الإنسانية.

وأشار إلى أن الاحتلال قد خلق أزمة من خلال إغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات، كما أنه استهدف بعض مؤسسات الإغاثة الدولية والمحلية وبعض موظفيها، مما ساهم في تفاقم الحالة الإنسانية في قطاع غزة، وأثّر سلبًا على مقومات صمود المواطنين، وسرّع من انتشار المجاعة، وخلق حالة من الإرباك الشديد في المجتمع، محملًا الاحتلال المسؤولية الأساسية في تفشي ظاهرة الاعتداء على المساعدات، والعصابات شبه المنظمة التي تستغل الظروف القاسية التي يمر بها المجتمع الفلسطيني بفعل الإبادة.

ويوصي ائتلاف أمان، بالضغط لوقف الحرب بشكل فوري، وتفعيل دور المؤسسات الدولية ذات العلاقة في مساءلة الاحتلال والضغط عليه لفتح المعابر وإدخال المساعدات دون شرط أو قيد، وزيادة التنسيق مع المؤسسات الدولية، والمحلية، والعشائر، والقوى المجتمعية لحماية المساعدات وتأمين وصولها لمستحقيها.

*الأسماء في التقرير مستعارة لحماية أصحابها.
7
اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المشاركات الأخيرة: