هيئة التحرير: لؤي حمدان
مع استمرار الحرب الإسرائيلية على إيران، التي أُطلق عليها اسم “الأسد الصاعد”، تتكشف يوماً بعد يوم التداعيات الاقتصادية الباهظة التي تتكبدها إسرائيل. لم تقتصر الخسائر على الجانب العسكري، بل امتدت لتشمل أضراراً جسيمة في الممتلكات، وتوقف شبه تام لعجلة الاقتصاد، مما دفع الحكومة إلى صياغة خطط تعويض طارئة ومكلفة. في هذا التقرير، نسلط الضوء على الأبعاد الاقتصادية للحرب، من زيادة وثائق التأمين، إلى خطط تعويض الشركات، والتكلفة اليومية لإغلاق الاقتصاد.
التأمين ضد أضرار الحرب
منذ بدء الرد الإيراني على الهجمات الإسرائيلية، شهدت إسرائيل إقبالاً غير مسبوق على توسيع نطاق التأمين الضريبي لدى سلطة الضرائب. وبحسب بيانات رسمية، تم شراء ما يقارب 53 ألف وثيقة تأمين جديدة. هذا الإقبال يعكس حجم القلق الشعبي من الأضرار المحتملة، خاصة وأن التعويضات الحكومية الرسمية تقتصر على الأضرار العقارية وخسائر السيارات.
يلجأ الإسرائيليون إلى تأمين ممتلكاتهم الثمينة مثل التحف الفنية، الأثاث الفاخر، والمجوهرات، إما عن طريق قسط إضافي لدى مصلحة الضرائب، أو عبر شركات تأمين خاصة لتغطية ما لا تشمله التعويضات الحكومية. يرفع هذا التأمين الإضافي سقف التعويضات للأفراد والعائلات بشكل كبير، مما يوفر شبكة أمان إضافية في مواجهة خسائر الحرب.
مليار ونصف شيكل يومياً
بعيداً عن النفقات العسكرية الضخمة، فإن التكلفة الصامتة للحرب تتمثل في الشلل الذي يصيب الاقتصاد. كشف آدم بلومبيرغ، نائب مدير الاقتصاد في الهستدروت، أن تكلفة إغلاق الاقتصاد الإسرائيلي بسبب الحرب تصل إلى مليار ونصف شيكل يومياً. هذا الإغلاق، الذي شمل كافة القطاعات باستثناء المصانع الحيوية، لم يحدث حتى في أحداث 7 أكتوبر، مما يوضح حجم الأزمة الحالية.
خطة تعويضات طارئة
مع إطالة أمد الحرب، تعمل وزارة المالية الإسرائيلية على صياغة خطة لتعويض قطاع الأعمال والشركات عن الخسائر الفادحة التي لحقت بها. تتضمن الخطة:
- تعويض الشركات: التي انخفض حجم أعمالها بنسبة 25% على الأقل.
- تعويض أجور الموظفين: بنسبة 75%.
- سداد النفقات: بناءً على درجة انخفاض حجم الأعمال.
تقدر تكلفة هذه الخطة بمليارات الدولارات من خزينة الدولة. ومع ذلك، يطالب أصحاب أكبر 1000 شركة في الاقتصاد، غير المشمولين في الخطة، بتفعيل نظام الإجازات للموظفين، على غرار ما حدث خلال جائحة كورونا، مما يضيف ضغطاً إضافياً على الميزانية.
أضرار غير مسبوقة
أبلغت سلطة الضرائب الكنيست بحجم الأضرار الهائلة التي خلفتها الحرب. خلال أسبوعين فقط، تقرر هدم 25 مبنى، مقارنة بمبنى واحد فقط خلال الحرب مع غزة. كما تم استقبال حوالي 40 ألف مطالبة تعويض منذ بدء الحرب على إيران، ومن المتوقع أن يصل العدد إلى 50 ألفاً.
تقدر قيمة التعويضات المدفوعة حتى الآن بحوالي 4.5 مليار شيكل، مع توقعات بأن تصل إلى 5 مليارات. هذه الأرقام، التي لم تشهدها إسرائيل من قبل في الأضرار المباشرة، تستنزف صندوق التعويضات الذي بلغ رصيده 9 مليارات شيكل قبل الحرب.
ميزانية الدفاع في مهب الريح
تضيف تكاليف الحرب عبئاً هائلاً على ميزانية الدفاع. فتكلفة النشاط الهجومي، بما في ذلك طلعات الطائرات الحربية وعمليات الاعتراض الصاروخي، باهظة للغاية. وتشير التقديرات إلى أن حرباً لمدة شهر واحد قد تكلف 40 مليار شيكل، بينما تقدر الأضرار المباشرة في الجبهة الداخلية بنحو 3 مليارات شيكل، دون احتساب الأضرار غير المباشرة.
ومع تجاوز ميزانية الدفاع لعام 2025 حاجز الـ 110 مليارات شيكل، يتوقع الخبراء أن يرتفع الإنفاق الفعلي إلى 200 مليار شيكل، مما يجعل الميزانية الحالية غير واقعية وقابلة للتغيير في أي لحظة.
إن التكلفة الاقتصادية للحرب الإسرائيلية على إيران تتجاوز بكثير الأرقام المعلنة. فبينما تتركز الأنظار على الجانب العسكري، يعاني الاقتصاد الإسرائيلي من نزيف حاد يهدد استقراره على المدى الطويل. ومع استمرار الحرب، تزداد الفاتورة الاقتصادية، ويبقى السؤال الأهم: إلى متى يمكن لإسرائيل تحمل هذه التكاليف الباهظة؟