خرائط الانسحاب.. عقدة مستمرة في مفاوضات حرب غزة

تتواصل مفاوضات حرب غزة الجارية في العاصمة القطرية الدوحة بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط استمرار الخلافات الجوهرية بين الطرفين، لا سيما حول مدى انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع، وفق ما أفادت به مصادر فلسطينية وإسرائيلية مطلعة على سير المحادثات.

وقالت القناة 12 الإسرائيلية إن المفاوضات لا تزال مستمرة، إلا أنه “لا توجد حتى الآن أي اختراقات حقيقية”، بسبب تواصل الخلاف بشأن حجم ونطاق انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، وهو ما يُعد أحد أبرز العقبات التي تعيق التوصل إلى اتفاق.

ونقلت القناة عن مصدر أجنبي مطّلع، أن إسرائيل تعتزم عرض خرائط جديدة خلال جلسات التفاوض يوم الأحد، تتعلق بتفاصيل خطوط الانسحاب، بما في ذلك السيطرة على محور موراغ والمنطقة العازلة. وأوضحت قطر لإسرائيل أن الخرائط السابقة التي قدمتها قد تُسبب بانهيار المحادثات إذا أُصر عليها.

من جهتها، أفادت قناة “كان” الإسرائيلية، نقلًا عن مصادر مطلعة على المفاوضات، أن “الخطوط الحمراء للطرفين لا تتقاطع”، وأن المحادثات تشهد جمودًا بسبب تعنّت الجانبين، رغم استمرارها.

وذكرت أن إسرائيل قدّمت خرائط انسحاب قوبلت بالرفض من حماس، رغم ما وصف بأنه تنازل جزئي من جانب تل أبيب. ومن المتوقع أن تقدم حماس قريبًا خرائطها الخاصة للانسحاب.

في السياق ذاته، نقلت وكالة رويترز عن مصادر فلسطينية وإسرائيلية أن المحادثات غير المباشرة، التي تُعقد بوساطة قطرية ومصرية وأميركية، تركّز على اقتراح أميركي لوقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا، لكنها تعثرت بسبب الخلاف على مدى انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة.

وأكد مصدر فلسطيني للوكالة أن حماس رفضت الخرائط الإسرائيلية، التي تتضمن الإبقاء على نحو 40% من قطاع غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك منطقة رفح بالكامل وأراضٍ في شمال وشرق القطاع. فيما أوضح مصدران إسرائيليان أن حماس تُطالب بانسحاب الجيش إلى الخطوط التي تم الاتفاق عليها في وقف إطلاق النار السابق، قبل خرق إسرائيل وقف إطلاق النار في آذار/مارس الماضي.

وأوضح المصدر الفلسطيني أن الخلاف لا يقتصر على الانسحاب فقط، بل يشمل أيضًا قضايا تتعلق بالمساعدات وضمانات إنهاء الحرب، معتبرًا أن الأزمة قد تُحل في حال حدوث تدخل أميركي مباشر أكبر.

بدورها، نقلت هيئة البث الإسرائيلية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيعقد غدًا مشاورات لتقييم سير المفاوضات في الدوحة، في محاولة لدفع التفاهمات نحو الأمام أو اتخاذ قرارات حاسمة بشأنها.

وفي موقف يعكس رؤية الفصائل الفلسطينية، قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي في تصريحات صحفية، إن الخيارات المطروحة على المقاومة محدودة ومبنية على الاستسلام. وأضاف: “الوفد المفاوض الفلسطيني قدم مرونة كبيرة من أجل وقف العدوان، لكن إسرائيل توهمت أن هذه المرونة تعني إمكانية القضاء على المقاومة”.

وتابع: “الاحتلال يريد أن يجبرنا على القبول بـ40% من مساحة غزة”، مؤكدًا أن الفصائل لن تقبل بمحور موراغ ولا بمصائد الموت. وقال إن الاحتلال يمارس حربًا نفسية، مشددًا على أن “ما يجري هو تفاوض على اتفاق إطار يجب أن يتضمن وقف العدوان وضمانات حقيقية، وليس اتفاقًا يؤدي إلى الاستسلام”. واختتم بقوله: “الاستنزاف والوقت في صالحنا، ولسنا جبناء لنقبل بالخرائط الإسرائيلية أو التنازل عن حقوق شعبنا”.

وعلم موقع “ميدل إيست آي” أن مفاوضي حماس يشككون بشكل متزايد في إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة مع إسرائيل في الجولة الحالية من المحادثات في الدوحة.

وقالت مصادر مقربة من المفاوضين الفلسطينيين إن المحادثات لا تزال متعثرة بشأن اثنتين على الأقل من القضايا الأربع الرئيسية. الأولى هو مدى الانسحاب الإسرائيلي المقترح من قطاع غزة خلال هدنة الستين يومًا. والثانية هو آلية توزيع المساعدات.

وذكرت التقارير أن الولايات المتحدة اقترحت تأجيل المناقشات حول هاتين النقطتين والتركيز بدلا من ذلك على أسماء الأسرى الفلسطينيين الذين ستفرج عنهم إسرائيل مقابل الأسرى الإسرائيليين المتبقين. لكن المفاوضين الفلسطينيين يعتقدون أن هذا النهج فخ.

وقال أحد المصادر لموقع “ميدل إيست آي”: “إن هذه الخطوة تهدف إلى إلقاء اللوم في انهيار هذه المحادثات على حماس”. وبحسب المصادر فإن إسرائيل تريد إبقاء قواتها في أجزاء واسعة من قطاع غزة خلال التهدئة التي تستمر 60 يوما.

وتشمل هذه الخطة معظم محافظة رفح و”منطقة عازلة” يصل عمقها إلى ثلاثة كيلومترات على طول الحدود الشرقية والشمالية لغزة مع إسرائيل. ومن شأن “المنطقة العازلة” أن تشمل عدة بلدات ومناطق سكنية فلسطينية، مما سيمنع مئات الآلاف من النازحين من العودة إلى ديارهم.

26
اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المشاركات الأخيرة: