كشفت الإذاعة العامة الإسرائيلية، يوم الأحد، أن الجيش الإسرائيلي بدأ بإرسال عملاء فلسطينيين لفحص المباني المشبوهة في جنوب قطاع غزة، بهدف التأكد من سلامتها قبل دخول القوات الإسرائيلية إليها، وذلك بسبب النقص في الكلاب العسكرية التي كانت تقوم بهذه المهمة.
وأوضحت الإذاعة، أنه في حادثة وقعت قبل أسابيع، انهار أحد المباني على العملاء أثناء وجودهم داخله نتيجة تفجيره، ما أدى لإصابتهم واحتجازهم تحت الأنقاض.
وأشارت الإذاعة إلى أن الجيش الإسرائيلي بات مضطرًا للاعتماد على العناصر البشرية بدل الكلاب العسكرية، بعد مقتل أعداد كبيرة من الكلاب المدربة منذ بداية الحرب.
ومع تصاعد المعارك في قطاع غزة، بدأ الجيش الإسرائيلي يواجه أزمة ميدانية غير مسبوقة، تمثلت في تراجع كبير في فعالية وحدات الكلاب العسكرية التي طالما اعتُمد عليها في العمليات الحساسة والمعقدة، خاصة في البيئة الحضرية وتحت الأرض.
وعلى مدار السنوات الأخيرة، أصبحت الكلاب الهجومية جزءًا لا يتجزأ من أدوات الاقتحام الإسرائيلي، خاصة في المهمات التي تتطلب خوض مواجهات داخل أنفاق ضيقة أو تفتيش مبانٍ يُشتبه بأنها مفخخة. ويُختار سنويًا ما يقارب 70 كلبًا من سلالات أوروبية معروفة بكفاءتها، لتخضع لتدريبات عسكرية صارمة تمتد لعامين، تشمل مهارات تعقب، واقتحام، واكتشاف متفجرات، في بيئات عالية الخطورة.
وفي تقرير لصحيفة “يديعوت أحرونوت” نشر في كانون الثاني/يناير 2024، تم تسليط الضوء على التدهور المتسارع في فعالية وحدة الكلاب العسكرية “عوكتس”، نتيجة لجوء المقاومة الفلسطينية إلى أساليب ميدانية مضادة غير مسبوقة. من بين تلك الأساليب نشر كلاب هجومية مدربة ومقيدة داخل الأبنية المهجورة، مما يتسبب بارتباك الكلاب الإسرائيلية ويفشل مهمتها في الكشف أو الاقتحام.
وبحسب التقرير ذاته، فقد خسر الجيش 17 كلبًا عسكريًا خلال الأيام الأولى فقط من الحملة البرية الأخيرة، وهي أكبر خسارة تُسجل في صفوف هذه الوحدة منذ تأسيسها، علمًا أن الوحدة كانت حاضرة في كل الجبهات، من اجتياح لبنان عام 1982، مرورًا بحرب لبنان 2006، وحتى الحرب التي شنها جيش الاحتلال على قطاع غزة في 2008 و2014.
ولا تتوقف التحديات عند حدود المواجهة مع المقاومة. فقد تسببت الأصوات العدائية الصادرة عن الكلاب المحلية، بالإضافة إلى تحركاتها المفاجئة، في إحداث ارتباك سلوكي لدى الكلاب الإسرائيلية، أدى في بعض الأحيان إلى تعطل أجهزة إلكترونية ترافقها، مما أجبر القوات الميدانية على تغيير مسار العملية أو الانسحاب.
ووصف ضباط إسرائيليون في الميدان بيئة القتال في قطاع غزة بأنها مثل “أرض من الرماد”، حيث اختفت ملامح المباني وسط الدمار، مما جعل من الصعب على الكلاب التمييز بين المدنيين والمقاتلين، أو اكتشاف مداخل الأنفاق المخبأة تحت الأنقاض.
يُشار أن وحدة “عوكتس”، المتخصصة في تشغيل الكلاب العسكرية، تعد من أكثر الوحدات تطورًا على مستوى العالم، وتُعرف الوحدة باستخدامها للكلاب في اقتحام البيوت وتفتيش الأنفاق، وهي مزودة بحواس شم وسمع متقدمة، وأنياب حادة، وبنية عضلية مرنة تساعدها على الدخول في المساحات الضيقة.
وتوصف عملية التأهيل داخل وحدة “عوكتس” بأنها شاقة للغاية، حيث يخضع الجنود لتدريب يمتد لـ17 شهرًا، بينما تمر الكلاب بتدريبات خاصة تستمر لثمانية أشهر. وتعيش هذه الكلاب في غرف مجهزة داخل مراكز التدريب، وتحظى برعاية دقيقة تشمل التدفئة شتاءً، وجلسات تمشيط يومية، وتمارين رياضية منتظمة تتضمن جولات جري قد تصل إلى 8 كيلومترات. ومن حيث التغذية، تحصل الكلاب على وجبتين يوميًا بوزن إجمالي يبلغ 620 غرامًا.
يُذكر أن غالبية الكلاب المستخدمة في الوحدة تنتمي إلى سلالات الراعي الألماني، والبلجيكي، والهولندي، بالإضافة إلى نوع الدوبرمان، وهي سلالات اختيرت بعناية لما تتمتع به من قوة، ذكاء، وسرعة استجابة.