الاحتلال يقرّ الاستيلاء على عقارات فلسطينية في باب السلسلة

في خطوة تصعيدية جديدة تستهدف الوجود الفلسطيني في البلدة القديمة من القدس المحتلة، أصدر وزير “القدس والتراث” في حكومة الاحتلال المستقيل مئير بروش، قرارًا بالاستيلاء على عدد من العقارات الفلسطينية في حي باب السلسلة، أحد أبرز مداخل المسجد الأقصى.

ويشمل القرار منازل ومحال تجارية تقع على طريق باب السلسلة المؤدي مباشرة إلى المسجد الأقصى، دون أن يتم توضيح تفاصيل محددة حول عدد العقارات أو أصحابها، في وقت تؤكد فيه الوقائع الميدانية أن المنطقة المستهدفة تندرج ضمن ملكيات فلسطينية تاريخية تعود لفترات أيوبية ومملوكية وعثمانية.

وجاء القرار عشية استقالة بروش من منصبه، وسط خلافات داخل الائتلاف الحكومي بشأن إعفاء اليهود المتدينين من الخدمة العسكرية، ما يُرجّح أن يكون القرار مدفوعًا باعتبارات سياسية تهدف إلى كسب دعم جمهور اليمين الديني المتطرف.

وبرّر بروش قراره بالاستناد إلى ما سماه “عودة البلدة القديمة إلى شعب إسرائيل عام 1967″، مدّعيا أن جميع ممتلكات ما يسمى “الحي اليهودي” تم الاستيلاء عليها في حينه لصالح شركة حكومية إسرائيلية معنية بإعادة تأهيله، لكنه أقر بأن القرار الحالي لم يُنفذ بعد على الأرض، رغم شموله ضمن خريطة الاستيلاء الإسرائيلية.

من جهتها، أكدت محافظة القدس أن القرار يُشكّل خطوة استعمارية جديدة، تستهدف قلب المدينة المحتلة ومعالمها التاريخية والدينية، وتفتح الباب أمام تهجير قسري ممنهج وسرقة للعقارات والممتلكات تحت غطاء قانوني مزيف.

وقالت المحافظة في بيان صدر، اليوم الأحد، إن استهداف طريق باب السلسلة، بما يضمه من معالم إسلامية ومبانٍ أثرية، يأتي في إطار مساعٍ مكثفة لحسم قضية القدس من خلال فرض وقائع تهويدية على الأرض، وتفريغ الممرات المؤدية إلى المسجد الأقصى من سكانها الأصليين.

وأضاف البيان أن هذا القرار لا يمكن عزله عن سياسات التهويد المتسارعة، والتي تشمل التوسع الاستيطاني، ومشاريع البنية التحتية كخط القطار الإسرائيلي الذي يخترق الأحياء الفلسطينية، إضافة إلى مخططات تسجيل الأراضي وتحويلها إلى ما يسمى “أملاك دولة” تخدم المشروع الاستعماري.

وحذّرت المحافظة من أن تنفيذ قرار الاستيلاء سيؤدي إلى تحويل طريق باب السلسلة إلى ممر استيطاني مغلق، يُستخدم حصريًا لاقتحامات المستعمرين، ويُهدد حرية الوصول إلى المسجد الأقصى، ويفرض حصارًا فعليًا على الوجود الإسلامي والمسيحي في البلدة القديمة.

وبيّنت المحافظة أن ما يُعرف بـ”الحي اليهودي” أُقيم في الأساس على أراضٍ فلسطينية جرى الاستيلاء عليها منذ عام 1968، وكان لا يتجاوز قبل النكبة خمسة دونمات فقط، لكنه توسّع لاحقًا ليصل إلى نحو 130 دونمًا، معظمها على حساب عقارات تعود لعائلات مقدسية عريقة منها النمري، غنيم، البشيتي، الجاعوني، العلم، شرف، وبرقان.

كما اعتبرت أن الحديث عن نية الاستيلاء على نحو 20 عقارا في هذه المرحلة يشكل تمهيدًا لمرحلة أوسع من التهجير والسيطرة، ضمن خطة إسرائيلية لربط “الحي اليهودي” ببؤر استعمارية مجاورة، بهدف تغيير هوية البلدة القديمة وسلخها عن محيطها الفلسطيني.

وأكدت المحافظة أن هذا القرار يُعدّ إعلان نوايا سياسي خطير، يستوجب تحركا فلسطينيا وعربيا وإسلاميا فوريا، داعية الأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو إلى تحمل مسؤولياتهم لوقف هذه السياسات التي تنتهك القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية الخاصة بمدينة القدس.

ودعت المحافظة أبناء المدينة، ومؤسساتها الوطنية والدينية، إلى التكاتف والتصدي لهذا التصعيد عبر كافة وسائل الصمود الشعبي والقانوني، والتشبث بالحق والهوية، والعمل الدبلوماسي المكثف لمواجهة هذه الهجمة التي تستهدف أحد أهم مفاصل الوجود الفلسطيني في القدس المحتلة.

25
اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المشاركات الأخيرة: