قال مصدر سياسي إسرائيلي مطّلع على مجريات المفاوضات للتوصل إلى صفقة وقف إطلاق نار في قطاع غزة والإفراج عن الأسرى، يوم السبت لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، إن “إسرائيل تجري للمرة الأولى مفاوضات مع حركة حماس بشأن إمكانية إنهاء الحرب”.
وأوضح المصدر: “هذه المفاوضات تختلف عن الصفقات السابقة، إذ إن الصفقات السابقة كانت تركز على تبادل الأسرى، أما هذه الصفقة فتتناول مسألة إنهاء الحرب، ولذلك فإن كل القضايا مرتبطة ببعضها، والاتفاق معقد للغاية”.
وأضاف المصدر: “هناك العديد من القضايا داخل الاتفاق تتعلق بالإمكانات الكبيرة الكامنة في فترة الـ60 يومًا التي ستُجرى خلالها المفاوضات لإنهاء الحرب، بالتزامن مع وقف إطلاق النار وإطلاق سراح عشرة أسرى إسرائيليين أحياء”.
وتابع: “هذه المفاوضات تتناول قضايا تتعلق بكيفية انتهاء هذه الحرب أو استمرارها، وماذا سيحدث في غزة، وكيف سيتم استرجاع جميع الأسرى. وهناك في إطار الاتفاق بند كامل مخصص للمواضيع التي ستُناقش حول إنهاء الحرب، ويمكن لكل طرف إضافة قضايا تُبحث خلال فترة الستين يومًا”.
وأشار إلى أن “الوفد الإسرائيلي توجّه إلى الدوحة بصلاحيات واسعة وتفويض كافٍ، وهناك مرونة كافية تتيح إمكانية التوصل إلى اتفاق دون التنازل في قضايا مثل احتياجات إسرائيل الأمنية”.
ويدرس المستوى السياسي الإسرائيلي، إرسال وفد من كبار المسؤولين إلى الدوحة في محاولة لدفع المفاوضات قدمًا. ويُذكر أن فريق التفاوض الإسرائيلي الموجود في قطر منذ نحو أسبوعين، لا يتوقع أن يعود في القريب، ووفقًا لمصادر “هآرتس”.
هذا ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت، عن مصادر في الوفد، قولها إن “تفاؤلًا حذرًا” يسود أجواء المفاوضات، رغم استمرار تحفظات حماس على نسب تبادل الأسرى، لكن الوساطة القطرية نجحت جزئيًا في تضييق فجوات الخلاف.
وفي السياق ذاته، أفاد عميحاي شتاين مراسل الشؤون الدبلوماسية في قناة “i24″، أن الوسطاء وصفوا التطورات الأخيرة بأنها “اختراق مهم”، مشيرًا إلى أن إسرائيل سلّمت خريطة إعادة انتشار لقواتها في جنوب القطاع خلال الستين يومًا الأولى، تتضمن الانسحاب من محور موراغ ومواقع أخرى جنوب غزة.
التحركات الدبلوماسية ترافقها أزمة سياسية داخلية. المحللة دفنا ليئيل من قناة 12، ترى أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو استطاع تجاوز الدورة البرلمانية الحالية، وسيدخل في عطلة تمتد لثلاثة أشهر، سيواجه خلالها “أزمة التجنيد مع الحريديم، ومشكلة التوازن داخل الائتلاف”، لكنها تشير إلى أن “الظرف السياسي مريح بالنسبة له لعقد صفقة، حتى في حال انسحاب بن غفير وسموتريتش، لأن أمامهم وقت كافٍ للعودة قبل انطلاق الدورة الشتوية”.
المحلل السياسي في القناة 12 أمنون أبراموفيتش يقدّم قراءة سوداوية قائلًا: “على الأرجح ستتم صفقة، لكنها ستكون صفقة جزئية لمأساتنا! نتنياهو يعد بن غفير وسموتريتش بأنه سيعود للقتال بعد الستين يومًا، بينما الوسطاء يقولون لحماس إن المفاوضات ستتواصل بعد ذلك، دون استئناف الحرب”.
وينقل عن جنرال سابق قوله:”يتحدثون كثيرًا عن الاقتصاد في الذخيرة، وينسون الاقتصاد في الجنود.. من قتلى وجرحى ومنتحرين. لذلك لا بد من إنهاء هذه الحرب، فحماس عدو سيبقى لعشرات السنين”.
أما يوسي يهوشوع، محلل الشؤون العسكرية في قناة i24، فيبدي تشاؤمًا ميدانيًا صارخًا: “لا أرى أن إسرائيل حققت ما يمكن أن تتنازل عنه الآن. لم نقضِ على حماس، ولم نحصل على صفقة شاملة، وإذا انسحبنا من محور فيلادلفي واستعدنا فقط نصف المخطوفين، سنفقد أوراق الضغط، ويصعب على الجيش أن يعود للقتال لاحقًا”.
مراسل القناة 14 أمير موراغ يذهب إلى أبعد من ذلك، ويصف ما يجري في الدوحة بأنه ليس مفاوضات “أخذ وعطاء”، بل “عطاء وعطاء”. ويقول إن رئيس الحكومة “تنازل عن مناطق حساسة في غزة احتُلت بثمن دموي”، مشيرًا إلى أن الجنود سيطروا على هذه المواقع مرات متعددة، والآن تُقدَّم لحماس مجانًا في مقابل صفقة محتملة.
ويتابع موراغ: “الاقتراب من موقف حماس لا يتم من الطرفين، بل من طرف واحد: إسرائيل تقترب، تقدم خرائط، وتُسلّم ورقة تلو الأخرى لتقليص وجودها العسكري”.