“هآرتس”: إسرائيل تُعدّ لتطهير عرقي شامل في غزة

قالت صحيفة “هآرتس” العبرية إن المرحلة الحالية من الحرب على غزة تشهد تحولًا خطيرًا؛ من مواجهة عسكرية إلى تنفيذ مخطط استراتيجي لترحيل سكان قطاع غزة قسرًا، بوسائل منهجية ومتدرجة. جاء ذلك في تقرير تحليلي أعدّه الصحفي جدعون ليفي، تحت عنوان: “لأول مرة منذ اندلاع الحرب على غزة: يتضح أن إسرائيل تُعدّ لتطهير عرقي شامل”.

يكشف ليفي عن وجود دلائل تشير إلى خطة ممنهجة تتجاوز العشوائية، قائلًا: “من أجل ترحيل مليونَي إنسان، لا بد من وجود خطة. وإسرائيل تجهّزها”. وأضح ليفي أن المرحلة الأولى تتضمن “تجميع السكان في معسكرات تركيز لتسهيل الطرد”.

وقد أظهر تقرير استقصائي نشرته BBC الأسبوع الماضي، استنادًا إلى صور أقمار صناعية، حجم الدمار المنهجي الذي ينفذه الجيش الإسرائيلي في القطاع. قرية تلو الأخرى تُمحى من الوجود، بهدف تمهيد الأرض لإقامة المعسكرات وضمان استحالة العودة.

ويضيف الكاتب أنه تم عرض إعلانين لتوظيف مشغّلي جرافات ضمن مشروع تدمير المباني في غزة. أحد الإعلانين يعرض راتبًا يوميًا بقيمة 1200 شيكل، مع توفير السكن والطعام والمركبة الخاصة، فيما يحدد الآخر أوقات الدوام من الأحد إلى الخميس، من الساعة 7 صباحًا حتى 4:45 مساءً، ويَعِد بـ”ظروف عمل ممتازة”.

ويؤكد ليفي أن الحرب لها هدف سياسي محدد، ولم تعد عشوائية أو بلا جدوى، مضيفًا أن الهدف هو ” تطهير غزة عرقيًا”. ويقول: “لم يعد مبررًا اتهام الضباط بأن جنودهم يُقتلون عبثًا: إنهم يموتون من أجل تنفيذ هذه الخطة. ومع تمهيد الأرض، يمكن الانتقال إلى المرحلة التالية؛ نقل السكان. المناقصات والإعلانات في الطريق”.

ويرسم ليفي صورة قاتمة لما ينتظر سكان غزة، قائلًا: “بعد الانتهاء من عمليات النقل وتجميع السكان في المدينة الإنسانية، حيث سينهارون تحت وطأة الجوع، الأمراض، والذكريات، سيحين وقت الطرد النهائي: تحميلهم قسرًا على شاحنات وطائرات نحو (الوطن الجديد) :ليبيا، إثيوبيا أو إندونيسيا. وإذا كان “المشروع الإنساني” قد أوقع مئات القتلى، فإن مشروع الترحيل سيحصد عشرات الآلاف. لكن لا شيء سيمنع إسرائيل من المضي قدمًا في تنفيذ خطتها”.

وينبه الكاتب إلى أن ما يحدث ليس وليد فوضى الحرب، بل نتيجة تخطيط مركزي واضح: “نعم، هناك خطة، وهي أكثر شيطانية مما نتخيل. ذات يوم، جلس أناس في غرف مغلقة ونسجوا هذه المؤامرة. من السذاجة الظن أن ما يجري عشوائي. بعد خمسين عامًا، ستُكشف البروتوكولات وسنعرف من دعم، ومن عارض، ومن اقترح ترك مستشفى واحد على الأقل قائمًا. إلى جانب الجنرالات والسياسيين، جلس مهندسون، معماريون، ديموغرافيون، وممثلون عن وزارة المالية، وربما وزارة الصحة.كل شيء سيتضح يومًا ما”.

وربط ليفي، في تقريره، بين التاريخ النازي والمشهد الإسرائيلي الحالي: “بدأ أدولف آيخمان مسيرته كمسؤول عن شؤون اليهود والإخلاء في جهاز أمن الرايخ، فيما كان يوسف برونر، والد رئيس الموساد الحالي دادي برنيع، طفلًا في الثالثة من عمره حين فرّ مع عائلته من ألمانيا النازية. الأسبوع الماضي، زار الحفيد برنيع واشنطن لمناقشة إخلاء سكان غزة. ووفقًا لتقرير القناة 12، أبلغ برنيع محاوريه أن إسرائيل بدأت بالفعل اتصالات مع ثلاث دول بشأن استقبالهم. التاريخ ساخر إلى حد لا يُحتمل؛ حفيد لاجئ من التطهير العرقي يتحول إلى مفاوض باسم مشروع تطهير عرقي جديد، دون أن يهتز له ضمير”.

ويختم ليفي مقاله بالإشارة إلى نموذج المسؤول المنفّذ للأوامر دون حساب: “دادي برنيع، رئيس مكتب إخلاء الفلسطينيين، ينفّذ مرحلة أخرى من الخطة. موظف رفيع، مطيع، باهت، لا يحتكّ بأحد. هل يبدو مألوفًا؟ بطل مشروع “بتر الأعضاء” اللاسلكي. يُرسل لإنقاذ “المخطوفين”، فيذهب. يُطلب منه ترحيل الملايين؟ لا بأس. فهو فقط ينفّذ الأوامر”.

24
اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المشاركات الأخيرة: