هآرتس: آفي بلوط “جنرال الدم” يُحول الجيش الإسرائيلي إلى أداة في يد ميليشيات المستوطنين

نشرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، الجمعة، مقالًا أطلق فيه محللها السياسي جدعون ليفي مسمّى “أوبركومندانت”، وهي رتبة عسكرية عليا في الجيش النازي، على قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، الحاكم العسكري الإسرائيلي للضفة الغربية، ووصفه بأنه “مجرم حرب”.

وفي مقاله الذي حمل عنوان “أوبركومندانت آفي بلوط، جنرال الدم، مجرم حرب”، انتقد جدعون ليفي بشدة قائد المنطقة الوسطى، الجنرال آفي بلوط، مؤكدًا أن أوامره التي يصدرها في الضفة الغربية “ليست سوى عقاب جماعي للفلسطينيين وجريمة حرب يجب أن يُحاكم عليها في لاهاي”.

وعلّق الصحفي المتخصص في الشأن الإسرائيلي أنس أبو عرقوب، مبينًا أن وصف “أوبركومندانت” مصطلح مستخدم في جيش هتلر النازي ويعني القائد الأعلى أو الآمر المطلق، لكن في السياق الإسرائيلي يُستخدم بشكل ساخر وناقد عند الحديث عن قادة الجيش، خصوصًا من يقودون الضفة الغربية.

وأكد أن مصطلح “أوبركومندانت” لا يصف مجرد رتبة عسكرية عليا، بل يُقصد به الإيحاء بأن القائد يتصرّف بعقلية استعلاء وغطرسة احتلالية شبيهة بضباط الاحتلال النازي في أوروبا، أي أنه يرمز لسلطة مفرطة وتعسف في التعامل مع الفلسطينيين.

وفي مقاله، قال جدعون ليفي إن آفي بلوط، القادم من بيئة المستوطنات والمدارس الدينية، يوفر حماية لميليشيات المستوطنين ويغضّ الطرف عن اعتداءاتهم، بينما يسمح باقتلاع آلاف أشجار الزيتون، ومصادرة عشرات آلاف الدونمات، وشق طرق غير قانونية لخدمة البؤر الاستيطانية.

وخلص إلى أن “جنرال الدم آفي بلوط يعكس الوجه الحقيقي لصهيونية ترى الفلسطينيين دون البشر، وتحول الجيش الإسرائيلي إلى أداة في خدمة مشروع استيطاني عنيف يهدد بمزيد من الجرائم في الضفة الغربية”.

ويقول ليفي إن آفي بلوط أمر بتنفيذ “عمليات تصميمية” تهدف إلى “ردع” كل قرية تجرؤ على رفع يد على أي من “السكان”، مبينًا أن “السكان” المقصودين هم منفّذو المذابح اليومية من المستوطنين، “فبالنسبة إلى بلوط، لا يوجد بشر آخرون في الضفة الغربية يتحمّل الجيش مسؤولية حمايتهم سوى بلطجية البؤر الاستيطانية”، وفق قول ليفي.

وتحدث جدعون ليفي عن تهديد بلوط للفلسطينيين الذين يحاولون، بما تبقّى لديهم من قوة، الدفاع عن بقايا أرضهم التي سُلبت منهم برعايته وتشجيعه، مؤكدًا أن بلوط أمر جنوده بتنفيذ عقاب جماعي، وهو بحسب القانون الدولي جريمة حرب، “ولذلك يجب تسليمه إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي لمحاسبته”.

وشرح ليفي جانبًا من آثار “العمليات التصميمية” التي أمر بها آفي بلوط، مشيرًا إلى اقتلاع 3100 شجرة في بلدة المغيَّر قضاء رام الله، معظمها أشجار زيتون. وقال: “لا يمكن لمن يحب الأرض أو الإنسان، أو حتى لو كان مجرد إنسان عادي، ألّا يُصاب بالصدمة من مشهد اقتلاع مئات أشجار الزيتون قبل أسابيع قليلة من موسم القطاف. ولا يمكن أيضًا تجاهل السياق الذي أدى إلى محاولة الهجوم”.

وأوضح ليفي أن المغيِّر فقدت في الشهور الأخيرة 43 ألف دونم، حيث سمح بلوط بإنشاء 10 بؤر استيطانية عشوائية تحيط بالقرية من كل جانب، وسمح للمستوطنين العنيفين ببثّ الرعب في نفوس الأهالي الذين باتوا يخافون من الخروج إلى أراضيهم.

وأكد أن الجيش يساهم في تمكين المستوطنين من شنّ هجماتهم على الفلسطينيين بعدة طرق، أبرزها شق طرق غير قانونية إلى البؤر الاستيطانية، ما يساهم في تسهيل وصولهم إلى القرى.

وقال ليفي: “تحت قيادة بلوط انتهت مذبحتان بمقتل فلسطينيين على يد الجيش الإسرائيلي. لم يُقدَّم أحد للمحاكمة، أمّا رافعو الأيدي الحقيقيون، المستوطنون، فلن يسلّط بلوط الضوء عليهم، ولن ينفّذ عمليات تصميمية ضدهم، فهو وإياهم من البلدة نفسها، ويعتمدون تسريحة الشعر نفسها، وطبعًا يرتدون الكيباه [القلنسوة الدينية] المترهلة نفسها”.

ورأى ليفي أن تعيين ضابط مثل آفي بلوط في منصب الحاكم العسكري للضفة الغربية يعني أن الجيش، عمليًا، يُعيّن مساعدًا للمستوطنين في هذا المنصب، مضيفًا: “صحيح أن هيبة المستوطنين أرهبت كل قادة المنطقة السابقين، لكن المهمة تصبح أسهل مع (بلوط) خريج المدرسة الدينية التحضيرية في عيلي، الذي سكن سابقًا في مستوطنة نفيه تسوف”.

وبيّن ليفي أن سلوكيات بلوط وعنصريته ترجع إلى ما تعلّمه في المدرسة الدينية في “عيلي” بأن “اليهود هم أسياد الأرض، وأن للمستوطنين الحق في الإحراق والهدم والاقتلاع والقتل كما يشاؤون. أمّا الفلسطينيون، فهم دون البشر، ولا يحق لهم شيء: لا الخروج من القرية، ولا العمل في “إسرائيل”، ولا جني محاصيل زيتونهم، حتى إنه لا يحق لهم التنفس أحيانًا”. وقال: “هذه هي صهيونية بلوط، وهذه هي صهيونية الجيش الإسرائيلي الذي يمثّل بلوط وجهه”.

وأشار إلى أن اسم عائلة بلوط بالألمانية يعني “الدم”، وقال: “الآن يقوم جنرال الدم بتغيير وجه الضفة الغربية، وملامح الدولة الأخلاقية أيضًا. وربما سيُعيَّن لاحقًا ليكون قائد الإبادة الجماعية التالية بعد غزة”.

ويشير أنس أبو عرقوب، في تعليقه لـ “الترا فلسطين”، إلى أن المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي هي القيادة المسؤولة عن جميع الوحدات والفرق العسكرية المتمركزة في الضفة الغربية والقدس ومنطقة تل أبيب الكبرى، ويقع مقر قيادتها الرئيسي في مستوطنة “نيفيه يعقوب” المقامة في شمال القدس.

وأوضح أبو عرقوب أن آفي بلوط، المستوطن المعروف، تولى مهام الحاكم العسكري للضفة الغربية ليجمع في يده، وبدون أي منازع، أدوار السلطات الثلاث فيها: التشريعية والتنفيذية والقضائية، “وهو فعليًا، كما يتطرق إليه الإعلام العبري، الحاكم العسكري للضفة الغربية”.

18
اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *