هجرة العقول تضرب “إسرائيل”: نصف موظفي البحث والتطوير في الخارج

نشرت صحيفة كاللكيست الاقتصادية العبرية مقالاً يفيد أن قطاع التكنولوجيا الذي يعتمد على العمالة والاستثمارات الأجنبية يواجه هروب العقول، فيما يعمل نصف موظفي البحث والتطوير خارج “إسرائيل”، ما يطرح تحديًا حقيقيًا لمستقبل الاقتصاد الإسرائيلي بين الانفتاح العالمي والانعزال السياسي، بحسب ما جاء في المقال.

ويستند المقال إلى الإحصائيات الصادرة عن الهيئة المركزية للإحصاء، في تقريرها السنوي، التي أوضحت أن نحو 79 ألف إسرائيلي هاجروا إلى الخارج هذا العام، بينما هاجر إلى “اسرائيل” نحو 21 ألفًا. وبلغ عدد المهاجرين الجدد نحو 25 ألفًا، بالإضافة إلى 5 آلاف ضمن لم شمل العائلات. وبصورة عامة، سجلت “إسرائيل” نقصًا صافيًا قدره 28 ألف شخص، وهي السنة الثانية على التوالي التي يسجل فيها العجز بين الهجرة الوافدة والمغادرة.

وأكدت الصحيفة أن الهجرة في صفوف الإسرائيليين ليست مرتبطة فقط بالوضع الأمني: “تفسير هذه الظاهرة يمكن ربطه بالوضع الأمني المتوتر، وبالسياسات التي توصف بأنها ‘إسبرطية’ التي تسعى الحكومة إلى فرضها. إلا أن الاتجاه بدأ قبل هذه التطورات، كما تشير مؤشرات سوق العقارات، مثل عروض تصفية محتويات الشقق على فيسبوك، ما يعكس توجهًا أوسع نحو الهجرة والخروج من إسرائيل. في الوقت الذي يروج فيه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لرؤية إسرائيل ‘الأوتركية’ المنعزلة اقتصاديًا، تظهر بيانات سلطة الابتكار أن الاقتصاد الإسرائيلي لا يزال يعتمد بشكل كبير على قطاع التكنولوجيا، خاصة التصدير والاستثمارات الأجنبية في الشركات الناشئة. فالقطاع التكنولوجي يشكل نحو 57% من إجمالي صادرات إسرائيل، ويشغّل مئات الآلاف من العاملين، ويزدهر بالارتباط بالعالم الخارجي، ما يجعل أي محاولة لعزله عن الاقتصاد العالمي أمراً صعب التحقيق”.

وأبرزت الصحيفة أن هروب العقول يزداد في قطاع التكنولوجيا: “بلغ عدد العاملين في قطاع التكنولوجيا نحو 403 آلاف في النصف الأول من 2025، بما يمثل 11.5% من إجمالي القوى العاملة، دون تغيير يُذكر عن السنوات السابقة. لكن المقلق أن نحو 8,300 من خبراء التكنولوجيا غادروا إسرائيل بين أكتوبر 2023 ويوليو 2024 للعمل في الخارج، أي نحو 2.1% من العاملين في القطاع، مع متوسط خروج حوالي 825 موظفاً شهرياً. هذه الظاهرة، المعروفة باسم ‘هروب العقول’، تؤثر على قدرة الاقتصاد على النمو والاستفادة من خبرات الكوادر المتخصصة. كما كشف التقرير أن نحو نصف موظفي البحث والتطوير في الشركات الخاصة غير موجودين داخل إسرائيل، أي أن الشركات الناشئة الإسرائيلية توظف نحو 430 ألف شخص حول العالم، منهم 240 ألف (56%) خارج إسرائيل”.

ورأت كاتبة المقال أن “إسرائيل” تواجه مفترق طرق اقتصادي وسياسي: “في ظل هذه البيانات، تواجه إسرائيل مفترق طرق: هل ستستمر في نهجها الإسبرطي القاسي أم ستظل ‘أمة الشركات الناشئة’ العالمية؟ خطوة الاتحاد الأوروبي الأخيرة نحو عزل إسرائيل تزيد من الضغوط، في حين أعلنت بورصة تل أبيب عن إطلاق مؤشر جديد للشركات الدفاعية، يضم نحو 20 شركة بقيمة سوقية تبلغ 110 مليارات شيكل، مع حصة كبيرة لشركتي ‘إلبيت’ و’نيكست فيجن’ التي شهدت ارتفاعات قياسية في السنوات الأخيرة”؟

وختمت الخبيرة الاقتصادية سيفون كلينغبايل مقالها بالقول: “يبقى السؤال الكبير: هل يمكن لإسرائيل الموازنة بين التطلعات العسكرية والاقتصادية، وبين الحفاظ على مجتمع جذاب للخبرات العالمية؟ أرقام الهجرة الأخيرة تظهر أن الإجابة ليست سهلة، وأن ‘إسبرطة’ ليست الوجهة المفضلة للجميع”.

وكان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قد فجّر، مؤخرًا، جدلًا إسرائيليًا واسعًا بإقراره بأن “إسرائيل” تدخل مرحلة عزلة سياسية واقتصاد يحمل سمات الانغلاق، وتشبيهها بنموذج “إسبرطة العظمى”.

12
اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *