تواصل بحرية الاحتلال الإسرائيلي، منذ مساء أمس الأربعاء، اعتراض سفن أسطول الصمود العالمي المتجهة نحو قطاع غزة في محاولة لكسر الحصار الذي يفرضه الاحتلال في ظل حرب الإبادة. وتفيد التقارير الإسرائيلية بأنه تمت السيطرة على أكثر من 40 سفينة واعتقال مئات النشطاء واقتيادهم نحو ميناء أسدود. ومن بين النشطاء الذين اعتقلتهم بحرية الاحتلال؛ الناشطة السويدية غريتا ثونبرغ، وهي المرة الثانية التي يتم فيها اعتقالها بعد احتجازها خلال مشاركتها في سفينة “مادلين” قبل أشهر.
المصادر الإسرائيلية تقول إن بحرية الاحتلال سيطرت على نحو 40 سفينة من “أسطول الصمود” ويجري نقل مئات المتضامنين إلى ميناء أسدود.
وأفادت هيئة البث العام الإسرائيلية “كان 11″، صباح اليوم الخميس، بأن “قوات الكوماندوز البحري (شاييطت 13) وسلاح البحرية الإسرائيلي سيطروا حتى الآن على أكثر من 40 سفينة تابعة لأسطول الصمود العالمي”.
وذكرت القناة أن مئات المشاركين الذين جرى اعتقالهم يُنقلون جماعيًا إلى ميناء أسدود، حيث يُتوقع وصولهم ظهر اليوم بين الساعة 12:00 و13:00، تمهيدًا لبدء إجراءات ترحيلهم، إما “طوعًا” أو عبر مسار قضائي ينتهي بترحيلهم القسري إلى بلدانهم.
وأضافت أن “أربع سفن من الأسطول تعطلت في عرض البحر نتيجة أعطال تقنية ومشاكل في المحركات، ما قد يضطرها للتوقف أو السحب في حال لم تتمكن من العودة أو مواصلة الإبحار”. كما تواصل قوات البحرية والجيش عمليات تمشيط واسعة في البحر للتأكد من عدم نجاح أي سفينة في الاقتراب من سواحل غزة أو محاولة دخول ما تصفها إسرائيل بـ”المنطقة البحرية المحاصرة”.
وفي السياق نفسه، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن جميع الناشطين الذين كانوا على متن السفن سيُرحّلون إلى أوروبا. وقالت في بيان عبر منصة “إكس”: “ركاب حماس-الصمود على يخوتهم وهم في طريقهم بأمان وسلام إلى إسرائيل، حيث ستبدأ إجراءات ترحيلهم إلى أوروبا. الركاب بخير وبصحة جيدة”.
وكان المتحدث باسم أسطول الصمود قال، في وقت مبكر من صباح اليوم، إن القوافل البحرية مستمرة في مسارها رغم الخسائر والاعتراضات، مؤكدًا أن هدفها الأساسي هو كسر الحصار وتمكين إدخال المساعدات الإنسانية بشكل مباشر إلى المدنيين المحاصرين.
وأضاف المتحدث أن الأسطول يعمل بتنسيق بين سفن ومجموعات دعم لوجستي، وأنه سيواصل المحاولات حتى تفتح قنوات آمنة لوصول الإمدادات.
وحذر من أن أي محاولات لاستبدال مسار الأسطول بعروض لنقل المساعدات لا تعالج جذور الأزمة، داعيًا المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لضمان حماية المدنيين وإيصال المساعدات بلا عوائق.
بدورها، أعلنت الهيئة التركية المشاركة في “أسطول الصمود العالمي” أن قوات البحرية الإسرائيلية اعتقلت 25 ناشطًا تركيًا بعد استيلائها على عدد من السفن المشاركة في الأسطول بشكل “غير قانوني” أثناء إبحاره في المياه الدولية.
وأوضحت الهيئة أن البحرية الإسرائيلية اقتحمت 15 سفينة مدنية وسلمية كانت محمّلة بالمساعدات الإنسانية المتجهة إلى غزة، مشيرة إلى أن المعتقلين الأتراك كانوا على متن سفن عدة، بينها “سيريوس”، و”ألما”، و”سبيكتري”، و”هيوغ آي”، و”دير ياسين آي”، و”غراندي بلو”. وأكدت أن عملية الاقتحام تشكّل انتهاكًا للقانون الدولي، وأن الأسطول كان في مهمة إنسانية سلمية تهدف إلى إيصال الغذاء والدواء إلى سكان قطاع غزة المحاصر.
بيانات دولية
وأثار اعتراض البحرية الإسرائيلية لأسطول الصمود العالمي المحمّل بالمساعدات الإنسانية والمتجه إلى قطاع غزة، ردود فعل دولية مختلفة، كان أكثرها حدّة موقف كولومبيا التي أعلنت ما تبقى من أفراد البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية من بلاده، وإلغاء اتفاقية التجارة الحرّة الموقعة مع إسرائيل بشكل فوري.
ففي مدريد، استدعت وزارة الخارجية الإسبانية القائمة بأعمال السفارة الإسرائيلية لديها للاحتجاج على اعتراض الأسطول، بحسب وكالة “أ.ف.ب”
أما في لندن، فأعربت الخارجية البريطانية عن “قلقها” إزاء الخطوة الإسرائيلية، وأكدت أنها تواصلت مع عائلات عدد من البريطانيين المشاركين في الأسطول، كما تجري اتصالات مع السلطات الإسرائيلية لضمان “سلامة التعامل” معهم.
وفي أثينا، صرّح وزير الخارجية اليوناني أن 39 سفينة من الأسطول وصلت إلى ميناء أسدود الإسرائيلي، مؤكدًا أن جميع من كانوا على متنها “بخير”.
من جانبها، قالت الخارجية الأسترالية إنها تلقت تقارير عن اعتقالات نفذتها القوات الإسرائيلية بحق مشاركين في الأسطول، ودعت جميع الأطراف إلى احترام القانون الدولي وضمان سلامة النشطاء.
مظاهرات عالمية واسعة
هذا وشهدت عدة مدن حول العالم مظاهرات حاشدة رفضًا لاعتراض الأسطول؛ إذ خرج آلاف المتظاهرين أمام السفارات الأميركية وسفارات الاحتلال في أوروبا.
التظاهرات امتدت من العاصمة الكورية الجنوبية سيول في ذكرى مرور عامين على حرب الإبادة في غزة، وصولاً إلى شوارع لندن وبرلين وأثينا وروما ومدن كندية عدة، حيث رفع المشاركون شعارات تدعو إلى رفع الحصار ووقف الجرائم الإسرائيلية، فيما شهدت تونس وبلجيكا وإسبانيا وقفات مماثلة. كما نظمت وقفة احتجاجية أمام القنصلية الأميركية في إسطنبول، وأخرى أمام السفارة الأميركية في نواكشوط، إضافة إلى وقفة رمزية للجنة أسطول الصمود المصري أمام نقابة الصحفيين في القاهرة.