في الساعات الأخيرة قبل بدء عملية تسليم وتبادل الأسرى، نقلت إدارة السجون الإسرائيلية 12 أسيرًا كان من المقرر الإفراج عنهم إلى الضفة الغربية، من سجن عوفر إلى سجن النقب، كي يُنقلوا مع الأسرى المبعدين إلى الخارج، بينما ظلت عائلاتهم تنتظرهم في ساحة محمود درويش في رام الله على أحرّ من الجمر دون أن يصل أحد.
وبحسب نادي الأسير الفلسطيني، فإن قائمة الأسرى المبعدين إلى الخارج كانت تضم 142 أسيرًا، لكن الاحتلال عدّلها في اليوم الأخير لتصبح 154 أسيرًا.
محمد عمران من دورا جنوب الخليل، وجبر ووسيم مليطات من بيت فوريك شرق نابلس، ومراد أبو الرب من جنين، وغيرهم من الأسرى، انتظرت عائلاتهم وصولهم إلى رام الله، لكنهم لم يصلوا، وبعد ساعاتٍ من القلق الطويل علموا بوصولهم إلى معبر رفح مع المبعدين.
بحسرةٍ والدموع تملأ عينيها، احتضنت ابتسام عمران شقيقها في ساحة محمود درويش، بعدما علمت بإبعاد شقيقها محمد، المحكوم بالسجن المؤبد عدة مرات، إلى الخارج، رغم أنه أبلغهم قبل يومين، في اتصالٍ من مكتب الشاباك، بأنه سيكون ضمن المفرج عنهم إلى الضفة الغربية.
وتلقّت عبلة أبو الرب الصدمة ذاتها عندما لم يصل شقيقها مراد مع الأسرى المحررين إلى رام الله. تقول عبلة: “اتصل مراد قبل يومين من سجن عوفر، وكان في مكتب أحد ضباط الشاباك، وأبلغني بنقله من سجن ريمون إلى عوفر على أساس أنه من بين المفرج عنهم إلى المنزل في الضفة الغربية، ثم نقل لي تحذير ضابط الاحتلال من الاحتفال أو التجمهر أو أي مظهر من مظاهر الفرح، وإلا فلن يتم الإفراج عنه، فأبلغته بالالتزام بذلك”.
وأضافت أن الضابط الإسرائيلي أبلغها في الاتصال ذاته، أن ضابط المنطقة في معسكر سالم قرب جنين سيقابل مراد بتاريخ 21 تشرين الأول/ أكتوبر، وعليها تذكيره بالموعد. واستمعنا إلى المكالمة، وقد ظهر فيها بوضوح أن الإفراج سيكون إلى الضفة حتمًا، وليس ضمن المبعدين.
وأوضحت أن جيش الاحتلال اقتحم منزل العائلة في جنين خلال الليلة ذاتها، ووضع ورقةً تحتوي على تعليماتٍ وعدة ممنوعات، إضافة إلى رقم ضابط الشاباك.
ورغم كل ذلك، توجهت عائلة مراد أبو الرب إلى ساحة محمود درويش بانتظار وصوله، وكانت برفقتهم والدته المسنّة. تروي عبلة: “انتظرت عند مدخل الحافلة وراقبت الأسرى واحدًا تلو الآخر، ولم ينزل مراد، ثم سمعت من أحد الأسرى أنه نُقل إلى النقب، لكن آخر نفى لي ذلك وقال إنه يقصد أسيرًا آخر”. وتابعت: “لم يُبلغنا أحد أين ذهب مراد وإلى أين نُقل، وهناك تقصير من الصليب الأحمر”.
تواصلت عبلة أبو الرب مع أحد المحررين في القاهرة وطلبت منه الاستفسار عن مكان مراد، فعاد واتصل بها بعد منتصف الليل، بعد قلقٍ وانتظارٍ طويل، وأبلغها بأنه وصل إلى معبر رفح، ومن هناك سينقل إلى القاهرة مع المبعدين.
وأوضحت أنها اتصلت بمراد بعد وصوله، وأبلغها بأنه تعرّض لضربٍ مبرّح خلال نقله من سجن عوفر إلى النقب، ما أدى إلى كسرٍ في عظمة الأنف وآلامٍ في الصدر والخاصرة، إضافة إلى كسرٍ في الأضلاع، وهو في حالةٍ صحيةٍ صعبة ويتناول المسكنات. وأكدت أن مراد أبلغها بأن ضابط المخابرات أخبره قبل ليلةٍ من موعد الإفراج بأنه سينقل إلى النقب ومن هناك إلى الإبعاد، ولم يكن أمامه أي متّسعٍ للرفض حتى لا يُلغى الإفراج عنه.
وكان وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير قد أبلغ نتنياهو باعتراضه على قائمة الأسرى المبعدين، مطالبًا بإضافة مزيدٍ من الأسماء إليها، ويُرجّح أن إدراج أسماء الأسرى الاثني عشر كان نتيجةً لهذا الضغط.