قدمت مؤسسة هند رجب، يوم أمس، ملفًا قانونيًا من 120 صفحة إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، بعد الكشف عن هوية الكتيبة والوحدة والقيادات الإسرائيلية المسؤولة عن قتل الطفلة هند رجب (6 أعوام).
الملف الجديد يضم أسماء 24 جنديًا وضابطًا إسرائيليًا مسؤولين عن مقتل هند رجب، إضافة إلى ستة من أفراد عائلتها، ومسعفين اثنين من الهلال الأحمر الفلسطيني، يوسف الزينو وأحمد المدهون، الذين استُهدفوا عمدًا أثناء محاولتهم إنقاذها في 29 كانون الثاني/يناير 2024 بمدينة غزة.
المرتكبون الـ24
يستند هذا الملف إلى التواصل الأول للمؤسسة في 3 أيار/مايو 2025، ويقدّم أدلة مفصلة تحدد أن كتيبة “إمبراطورية مصاصي الدماء” التابعة للكتيبة المدرعة 52 (“Ha-Bok’im / The Breachers”)، التابعة للواء المدرع 401 الإسرائيلي، هي المسؤولة عن الهجوم.
وتشمل الشكوى أسماء: العقيد بني آهارون، قائد اللواء المدرع 401، والمقدم دانيال إيلا، قائد الكتيبة المدرعة 52، والرائد شون غلاس، قائد كتيبة “إمبراطوية مصاصي الدماء”، بالإضافة إلى 22 من أفراد طاقم الدبابات الذين شاركوا مباشرة في الهجوم أو سهّلوا تنفيذه.
وقد كشفت الوثائقيّة عن أسماء القادة وأحد أعضاء طاقم الدبابة، إيتاي كوكييركوف، بينما تم تقديم باقي الأسماء البالغ عددها 22 بشكل سري إلى المحكمة الجنائية الدولية، وسيتم الإعلان عنها تدريجيًا على المستوى الوطني عند تقديم الشكاوى في ولايات مختلفة.
الأدلة والأسس القانونية
يشمل الملف أدلة رقمية، وصورًا فضائية، وتحاليل جنائية تثبت أن دبابات “ميركافا IV” التابعة لكتيبة “إمبراطورية مصاصي الدماء” أطلقت النار مرارًا على سيارة كيا بيكانتو السوداء التي كانت محاصرة فيها هند وعائلتها، ولاحقًا استهدفت سيارة الإسعاف المرسلة لإنقاذها.
وأكد فريق الدفاع أن هذه الهجمات تمّت مع معرفة كاملة بوضع المدنيين المحميين، بعد تنسيق مسبق بين الهلال الأحمر الفلسطيني والسلطات الإسرائيلية، وخلصت المؤسسة إلى أن هذه الأفعال تُعد جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وإبادة جماعية وفقًا للمادتين 6 و7 و8 من نظام روما الأساسي.
توسيع الجهود القضائية على المستوى العالمي
بالتزامن مع الملف المقدم إلى المحكمة الجنائية الدولية، تسعى المؤسسة إلى متابعة مقاضاة مرتكبي الجرائم على المستوى الوطني، مستفيدةً من مبدأ الولاية القضائية العالمية والولاية المزدوجة، خصوصًا ضد من يحملون جنسيات أجنبية إلى جانب الجنسية الإسرائيلية.
وقد قدّمت أولى القضايا في الأرجنتين ضد إيتاي كوكييركوف، أحد أعضاء طاقم الدبابة المذكورين في الشكوى الدولية، كما تُعد ملفات إضافية في أوروبا وأمريكا اللاتينية والشمالية، لضمان عدم تمكن أي مجرم حرب من الاختباء خلف الحدود أو جوازات السفر.
وقال دياب أبو جحة، المدير العام لمؤسسة هند رجب: “هذه ليست خطوة قانونية فحسب، بل ثورة ضد نظام الإفلات من العقاب العالمي. كانوا يظنون أن قتل هند لن يُحاسب، ونحن نثبت العكس خطوة خطوة. أربعة وعشرون اسمًا الآن أمام المحكمة الجنائية الدولية، والمزيد سيظهر في المحاكم الوطنية. العدالة ليست فضلًا نطلبه، بل هي الحساب الحتمي للحقيقة”.
طالبت مؤسسة هند رجب مكتب المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية بما يلي:
إدراج مقتل هند رجب ومسعفيها ضمن الوضع في دولة فلسطين.
توسيع التحقيق ليشمل كتيبة “إمبراطورية مصاصي الدماء”، والكتيبة المدرعة 52، واللواء المدرع 401.
إصدار مذكرات توقيف ضد الـ24 متهمًا المحددين.
وقالت ناتاشا براك، رئيسة قسم التقاضي في المؤسسة: “يؤسس هذا الملف لسلسلة مباشرة من القيادة والسيطرة والنوايا المتعمدة. الأدلة تثبت الطبيعة المنظمة والمنهجية للهجوم، بما يحقق معايير الملاحقة القانونية بموجب القانون الدولي. قضية هند رجب ليست حادثة معزولة، بل تمثل نمطًا أوسع من الانتهاكات يجب على المحكمة معالجته على وجه السرعة. لا يمكن أن يظل حكم القانون انتقائيًا عندما تكون الجريمة إبادة جماعية”.
وأضافت المؤسسة: “قتل هند رجب كان يهدف إلى كسر روح شعبها، لكنه بدلًا من ذلك أشعل حركة عالمية للعدالة. كل ملف نقدمه، وكل اسم نكشفه، وكل قاعة محكمة ندخلها يحمل ذكراها كتحدٍ لتغطرس السلطة. عصر الإفلات من العقاب ينتهي، واسم هند سيكون العلامة التي بدأت عندها هذه النهاية”.


