لجنة في الكنيست تبحث إغلاق قنصليات أجنبية في القدس باعتبارها بعثات للسلطة الفلسطينية

عقدت لجنة الأمن القومي بالكنيست الإسرائيلي، يوم الإثنين، برئاسة عضو الكنيست تسفيكا فوغل، جلسة تناولت ملف “إغلاق القنصليات الأجنبية التي تعمل بشكل مخالف للقانون”، وذلك بناءً على طلب رئيس اللجنة.

المبحث الرئيسي للجلسة استعرض الوضع القائم منذ عقود، حيث تعمل في القدس عدة قنصليات أجنبية، معظمها أوروبية، غير معتمدة من قبل إسرائيل وتؤدي فعليًا دور بعثات “أمر واقع” للسلطة الفلسطينية. وورد في المبحث أن استمرار نشاط هذه القنصليات “يضر بسيادة إسرائيل في عاصمتها، وأن ممثلي هذه البعثات يرفضون الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل ويمنحون شرعية دبلوماسية للسلطة الفلسطينية وحتى لدولة فلسطينية بشكل فعلي”.

ومن بين الدول المذكورة: فرنسا، وإسبانيا، والسويد، وبلجيكا، وبريطانيا، وتركيا، وإيطاليا، واليونان، والاتحاد الأوروبي والفاتيكان. وطالبت اللجنة الحكومة باتخاذ خطوات عملية لإغلاق القنصليات وتوسيع إجراءات الإنفاذ.

أوضح المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلي عيدان بار طال، أن إسرائيل تخوض هذا العام “معركة ملموسة”، بما في ذلك في الاتحاد الأوروبي، بعد دعوات بعض الدول لاتخاذ إجراءات ضد إسرائيل في مجالي الاقتصاد والبحث العلمي. وأضاف أن فهم تعقيدات العمل الدبلوماسي والقضايا الاستراتيجية ينسق بين وزير الخارجية ورئيس الوزراء والجهات ذات الصلة، مثل هيئة الأمن القومي. وأشار إلى أن الدول المذكورة شعرت بالفعل بالخطوات الإسرائيلية، موضحًا: “نحن نعرف كيف نجبي أثمانًا عندما يكون هناك هجوم على إسرائيليين”.

من جهته، قال رئيس اللجنة، عضو الكنيست فوغل، إن “هناك قنصليات لا تعترف بحق وجودنا ونحن صامتون إلى حد كبير في هذا الشأن ولا نظهر قوة سيادتنا”، وتساءل: “هل يجب أن نظهر شيئًا مختلفًا للخارج؟”، ورد ممثل هيئة الأمن القومي يوني أشبير بأن الموضوع قيد النقاش، وأن هناك قائمة طويلة من الإجراءات الممكن اتخاذها، ويمكن أن تستمد مسألة التوقيت وترتيب الإجراءات من ذلك. وأضاف: “في الوقت الحالي، الساحة الأوروبية منقسمة إلى معسكرات مختلفة وعلينا أن نتصرف بحكمة في هذه الساحات، والتوصيات تبنى على هذا الأساس”.

وسأل عضو الكنيست أوهاد طال، ما إذا كانت قائمة الإجراءات قد عُرضت على رئيس الوزراء الإسرائيلي، مؤكدًا أن “اعتراف تلك الدول بدولة فلسطينية هو بمثابة دعوة لتدمير دولة إسرائيل. حتى الآن لم نفعل شيئًا للتعبير عن استيائنا من هذه الخطوات وطلبنا إعلان فرض السيادة كرد. هناك قنصليات تعمل بشكل مخالف للقانون ونحن صامتون؟” فأجاب أشبير: “الجواب هو نعم، وبطبيعة الحال لا يمكنني تفصيلها”.

وأضاف بار طال أن هناك مشكلة مع سياسات عدد من الدول، بما فيها دول غربية، والتي خلال فترة الحرب وتغير الظروف الداخلية لديها، تلاقت فيها الاحتياجات السياسية والتغيرات الديموغرافية الداخلية، وتأثير الرأي العام ونشاط الخصوم والأعداء من الخارج، مما أدى إلى توتر العلاقات مع دول معينة. وأوضح أن السياسات الإشكالية تنبع من عواصمها ولا علاقة لها بموقع قنصلياتها، وأن إسرائيل تتخذ إجراءات ضد “النواة الصلبة” للدول التي تبادر بالهجوم الدبلوماسي ضدها، مشيرًا إلى دول من بينها النرويج وسلوفينيا وإسبانيا وإيرلندا، مع سلسلة من الإجراءات العملية.

وأورد بار طال أمثلة على هذه الإجراءات: استدعاء السفير النرويجي للتشاور، وإلغاء تسجيل دبلوماسيين، ومقاطعة مؤتمر مانحين، إضافة إلى تصريحات حادة ضد “السياسة المعادية للسامية”. وفي إسبانيا، قُدم مثال منع دخول وزيرة إلى إسرائيل ومنع نشاط دبلوماسيين في الضفة الغربية. أما في إيرلندا، فذكر أنه وصل الأمر إلى إغلاق سفارة، واعتبرتها إسرائيل “تخلّت عن القاسم المشترك” عندما قادت تحركًا معاديًا، مؤكدًا: “نحن نقود نشاطًا فعالاً ضد خصوم إسرائيل حتى لو كانوا من أوروبا — ما كان لن يكون”.

وأشار المحامي إبراهام شاليف من “منتدى كوهيليت للسياسات”، إلى أن بعض الدول حولت ممثليات كانت للسلطة الفلسطينية إلى ممثليات “لدولة فلسطين” فعليًا، معتبرًا أن هذه الدول “قررت منح جائزة للفلسطينيين بعد 7 أكتوبر”. وقال إن “هذه الدول تواصل مقاطعة إسرائيل وتضييق خطواتنا. على مدى عقود، غضت إسرائيل الطرف عن التقويض الأوروبي لسيادتها في القدس، عاصمة إسرائيل. لذلك، حان الوقت لإغلاق القنصليات فورًا”.

من جانبها، قالت نعومي كاهان من حركة “ريجافيم”، إن نشاط بعض القنصليات ينطوي على أفعال غير قانونية، مستذكرة حادثة عام 2019 حين نقل موظف في السفارة الفرنسية أسلحة في سيارة قنصلية إلى جهات معادية في الضفة الغربية. وأضافت أن موظفين في القنصلية البريطانية يشاركون بانتظام في تدشين مشاريع وبنى تحتية غير قانونية في مناطق “C” لصالح الدولة الفلسطينية، مؤكدة أن هذه “الأفعال تُتجاهل”.

وقالت أوفيرا غرافيس-كوبيلسكي من كلية صفد الأكاديمية، إن تبريرات بقاء بعض القنصليات ترتكز إلى قرار الأمم المتحدة منذ قيام الدولة الذي اعتبر القدس مدينة دولية، و”ليس لإسرائيل سيادة فيها”. وأضافت: “الفرنسيون على سبيل المثال لم يغيروا رأيهم في هذا الموضوع، وهناك شيء أعمق هنا يجب أخذه في الاعتبار. من ناحية القانون الإسرائيلي، هناك حكم قضائي ينص على أن القنصليات لا تتمتع بحصانة دبلوماسية لأنها لم تقدم أوراق اعتمادها لإسرائيل”.

وختم رئيس اللجنة فوغل الجلسة، بالقول إن أحد جوانب الحرب هو الساحة الدبلوماسية، و”هي ليست ساحة تُحل بإطلاق النار أو القنابل”، مؤكدًا: “يجب حلها بحكمة وعدل وبشكل واضح في بعض الأحيان. لم يسمحوا لنا بعد بفرض السيادة، فعلى الأقل دعونا نحافظ على السيادة التي لدينا. الحرب على الإسلام المتطرف ليست فقط في غزة بل في أماكن أخرى أيضًا من العالم. سأعقد جلسة سرية حيث يمكننا الاستماع إلى الإجراءات”.

8
اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *