نشرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، تقريرًا موسعًا تناول نتائج زيارة أجراها ممثلو مكتب الدفاع العام الإسرائيلي، وهي مؤسسة رسمية تابعة لوزارة القضاء، لعدد من المعتقلات، حيث كشف التقرير عن تدهورٍ كبير في ظروف احتجاز الأسرى الفلسطينيين منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وأشار إلى أن العديد منهم يعاني من جوعٍ شديد أدى إلى فقدان وزن حاد وحالات إغماء، نتيجة قائمة طعام فقيرة وقيود مشددة على الحصول على مياه الشرب.
وأكد التقرير أن الأوضاع داخل السجون تتسم باكتظاظٍ غير مسبوق، إذ يُحتجز ما يقارب 90% من الأسرى الفلسطينيين في مساحة تقل عن ثلاثة أمتار مربعة، فيما ينام آلاف الأسرى على الأرض دون أسرّة، داخل زنازين مظلمة سيئة التهوية تفتقر إلى النظافة والمستلزمات الأساسية، وانتشر فيها مرض الجرب. كما وثق التقرير تعرض الأسرى لعنفٍ ممنهج من قِبَل حراس السجون أثناء التفتيش والتنقّل والإخراج إلى المحاكم دون ارتباط بحوادث محددة.
استهلت صحيفة “هآرتس” تقريرها، بالقول: “تدهورت ظروف اعتقال الأسرى الفلسطينيين في إسرائيل بشكل كبير منذ السابع من أكتوبر، والعديد منهم يعانون من جوعٍ شديد، وذلك بحسب تقرير مكتب الدفاع العام الذي نُشر صباح اليوم (الخميس). ووفقًا للتقرير، الذي يستند إلى زياراتٍ عديدة لممثلي المكتب لعدة مرافق اعتقال، بعد اندلاع الحرب بلورت مصلحة السجون قائمة طعام منفصلة وفقيرة للأسرى الفلسطينيين، مما أدى إلى جوعٍ شديد يتجلى بفقدان وزن حاد وأعراض جسدية مصاحبة، بما في ذلك ضعف جسدي شديد وحتى حالات إغماء”.
كما وجد التقرير أن الزيادة في عدد الأسرى والمحتجزين منذ اندلاع الحرب فاقمت الاكتظاظ في مرافق الاعتقال، ولذلك تم احتجاز 90% من الأسرى الفلسطينيين في مساحة معيشة أقل من ثلاثة أمتار مربعة، ولآلاف الأسرى لم تكن هناك سرير للنوم.
زار ممثلو مكتب الدفاع العام سجون رمون، ومجيدو، وأيالون، وشطة، وإيشل، وكيتسعوت بين عامي 2023–2024، ووجدوا أن المعتقلين “يُحتجزون 23 ساعة يوميًا في ظروف اكتظاظ صعبة حيث ينام الكثير منهم على مراتب على الأرض”.
وأشار التقرير إلى أن الأسرى “يُحتجزون في زنازين مظلمة دون إضاءة، في ظروف صحية صعبة، في خناق ودون تهوية. زنازينهم خالية من أي معدات أو ممتلكات (باستثناء نسخة من القرآن)، ويجدون صعوبة في الحفاظ على النظافة الشخصية بسبب قلة المستلزمات المقدمة لهم (مثل ورق التواليت، الصابون، المنشفة)”.
كما جاء في التقرير أن مرض الجرب (سكابيس) انتشر في بعض الأقسام الأمنية في السجون، ووصل أحيانًا إلى حد الوباء، وأصاب العديد من المعتقلين.
ووجد مكتب الدفاع العام أن “فقط 35% من السجناء الإسرائيليين كانوا محتجزين في مساحة أقل من ثلاثة أمتار مربعة للشخص”، بالمقارنة مع الغالبية المطلقة (90%) من الأسرى الفلسطينيين المحتجزين في مساحة مماثلة. وفي عام 2018، قضت المحكمة العليا بأن مساحة المعيشة الدنيا للأسير يجب أن تكون أربعة أمتار مربعة ونصف.
وفقًا للتقرير، في تشرين الأول/أكتوبر 2023 قفز عدد المحتجزين في مرافق مصلحة السجون نتيجة حملة اعتقالات واسعة، وخلال شهرين ارتفع عددهم بنحو 3,000 شخص. وفي نهاية عام 2024 بلغ عدد المحتجزين نحو 23,000 شخص (في حين أن القدرة الاستيعابية هي 14,500 شخص)، وارتفع الاكتظاظ لمستويات غير مسبوقة. وفي نهاية عام 2024، نام نحو 4,500 محتجز ليالٍ دون سرير (حوالي 3,200 أسير فلسطيني و1,300 من سجناء الحق العام الإسرائيليين).
وفي أمثلة محددة، في سجن رمون، تم اعتقال 387 أسيرًا فوق الحد المسموح به أثناء زيارة في أيار/مايو 2024، حيث احتُجز في كل زنزانة 11 محتجزًا، ثلاثة إلى خمسة منهم ناموا على الأرض، وكانت مساحة المعيشة المتوسطة نحو مترين فقط.
في سجن مجدو، تم تسجيل تجاوز بنحو 520 أسيرًا فوق الحد المسموح خلال زيارة في نوفمبر 2024، حيث احتُجز 12 محتجزًا في زنزانة بمساحة 23 مترًا مربعًا تشمل مرحاضًا ودشًا، ستة منهم ناموا على مراتب على الأرض، وكانت مساحة المعيشة نحو مترين لكل واحد.
خلال الزيارات إلى السجون الأمنية التي يُحتجز فيها الفلسطينيون، اطّلع الزوار على شكاوى متكررة بشأن الجوع الشديد بين المعتقلين، والعديد من التقارير عن انخفاض حاد في الوزن وأعراض مرتبطة بنقص التغذية. وأشار التقرير إلى أن العديد من الأسرى بدوا نحيفين جدًا، وأحيانًا بشكل مفرط، وفي بعض الحالات كان الوصول إلى مياه الشرب محدودًا.
وفي أيلول/سبتمبر، أمرت المحكمة العليا الدولة بتوفير كميات طعام مناسبة للحفاظ على صحة الأسرى الفلسطينيين، لكن الشهر الماضي نشرت صحيفة “هآرتس” شهادات من السجون تشير إلى عدم حدوث أي تغيير؛ بل قال بعض الأسرى إن كمية الطعام قد انخفضت. ونتيجة لهذه المعطيات، قدّمت جمعية حقوق المواطن ومنظمة “غيشا” التماسًا للمحكمة العليا يطالب بأن تُلزم مصلحة السجون بتغذيةٍ مناسبة للأسرى.
وكتب مكتب الدفاع العام في التقرير أن العديد من مرافق الاعتقال الأمنية شهدت شكاوى من المعتقلين عن عنفٍ قاس ومنهجي من جانب السجانين كأمرٍ روتيني، بما في ذلك استخدام العنف أثناء التفتيشات داخل الزنازين، وضرب الأسرى عند نقلهم بين الأقسام أو عند إخراجهم للمحاكم أو في مناسبات أخرى. وأوضح الأسرى أن العنف لم يكن نتيجة أحداث محددة أو ردًا على ظروف تستدعي استخدام القوة