تقديرات إسرائيلية: حزب الله يحتفظ بنفوذه وإسرائيل أمام تحديين رئيسيين في لبنان

خَلَص تقدير موقف نشره معهد الأمن القومي الإسرائيلي بمناسبة مرور عام على وقف إطلاق النار في لبنان هذا الأسبوع، إلى أن حزب الله يواصل إعادة بناء قدراته العسكرية والاقتصادية بدعم إيراني، بينما تقف إسرائيل أمام تهديدات ونافذة فرص تجاه الساحة اللبنانية.

وطرح الباحثان أورنا ميزراحي وموران ليفنوني، وهما خبيران في الأمن والسياسة اللبنانية، صورة دقيقة للتحديات الداخلية التي تواجهها الحكومة اللبنانية، وكذلك استراتيجية حزب الله الجديدة، مع تقييم الفرص والمخاطر التي تواجهها إسرائيل في الساحة اللبنانية خلال هذه المرحلة.

وأوضح الباحثان أن الهزيمة التي مني بها حزب الله أحدثت زلزالًا في النظام السياسي اللبناني، وأدت إلى صعود قيادة جديدة لا تعتمد على نفوذ الحزب، وتسعى إلى تقوية الدولة وفرض القانون على الميليشيات المسلحة، لكنها فشلت حتى الآن في فرض سيطرتها الكاملة على حزب الله، ولا يزال الحزب يحتفظ بقدراته العسكرية والاقتصادية ويهدد باستخدام القوة إذا حاولت الحكومة تطبيق نزع السلاح بالقوة.

ووصف الباحثان الوضع الحالي في لبنان بأنه “مرحلة انتقالية حساسة”، مشيرًا إلى وجود عناصر شيعية موالية لحزب الله داخل الجيش اللبناني، وهذا يجعله غير قادر على تنفيذ قرار سحب السلاح بمفرده. وهذا يزيد من صعوبة تحقيق أي تغيير ملموس على أرض الواقع.

ويلخص تقدير الموقف استراتيجية حزب الله في عدة نقاط: إعادة بناء قدراته العسكرية والاقتصادية بدعم إيراني، والامتناع عن الرد المباشر على الهجمات الإسرائيلية، وتحميل الحكومة اللبنانية مسؤولية المفاوضات حول وقف الاستهداف الإسرائيلي. وفي المقابل، يواجه الحزب تحديين أساسيين: الأول فقدان توازن الردع مع الجيش الإسرائيلي، والثاني غياب القيادة التقليدية بعد مقتل قادة بارزين في الحرب.

أما بخصوص الموقف الإسرائيلي، فيشير الباحثان إلى أن إسرائيل أمام فرصةٍ وتهديدٍ في آنٍ واحد. فمن جهةٍ يمكنها دعم الدولة اللبنانية ضد حزب الله، ومن جهةٍ أخرى ستتحمل خطر اندلاع مواجهة جديدة إذا شعر الحزب بتحدٍّ مباشر لنفوذه. رغم ذلك، يؤكد الباحثان أن على إسرائيل استثمار “النافذة المحدودة” للفرص من خلال سياسة متوازنة تجمع بين العمل العسكري المستمر والدبلوماسية.

ويتقرح الباحثان مجموعة من “الإجراءات الاستراتيجية” التي يمكن لإسرائيل القيام بها، وهي: مواصلة الضربات الدقيقة على مواقع حزب الله مع تجنب إلحاق الضرر بالمدنيين، ودعم الجيش اللبناني مع ضمان إقصاء العناصر الموالية لحزب الله، وتشجيع المبادرات الدبلوماسية والاقتصادية، بما في ذلك مشاريع تنموية لتحسين حياة السكان في الجنوب اللبناني.

واقترح الباحثان أيضًا أن تقوم إسرائيل بتعزيز الجهود الدولية لقطع مصادر تمويل حزب الله، وأن تشارك في النقاشات حول إمكانية وجود قوة دولية بديلة لليونيفيل على الحدود اللبنانية.

ويخلص الباحثان، في ختام تقدير الموقف، إلى أن لبنان شهد تغييرات سياسية مهمة بعد الحرب، لكن الدولة لا تزال ضعيفة، وحزب الله يحتفظ بقدراته ونفوذه. ويؤكدان أن التحدي الرئيسي لإسرائيل يكمن في استغلال الفرص لتعزيز الدولة اللبنانية، مع تجنب أي مواجهة قد تؤدي إلى تصعيد عسكري جديد.

12
اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *