نيويورك تايمز تستعرض تفاصيل محادثات حماس مع مبعوث ترامب ومحاولات إسرائيل إحباطها

استعرضت صحيفة نيويورك تايمز، في تقرير نشرته الخميس، تفاصيل لقاءات مسؤولين في إدارة ترامب مع مسؤولين في حماس ثلاث مرات في قطر خلال شهر آذار/مارس الماضي، مشيرة إلى أن هذه الاجتماعات شكَّلت خروجًا عن السياسة الأميركية المتَّبعة منذ فترة طويلة ضد التواصل مع الحركة التي تصنفها الولايات المتحدة بأنها منظمة إرهابية.

وبحسب التقرير، فقد كان الأميركيون في عجلة من أمرهم، حيث أراد آدم بولر، مبعوث ترامب، أن توافق حماس على إطلاق سراح الجندي ألكسندر، وهو آخر أسير إسرائيلي يحمل الجنسية الأميركية مايزال على قيد الحياة في غزة، حتى يتمكن ترامب من الإعلان عن إطلاق سراحه خلال خطاب أمام الكونغرس، وقد كان الجانبان لا يزالان يتفاوضان عندما وصل ترامب إلى مبنى الكونغرس، وبدلاً من الإعلان عن إطلاق سراح الأسير الأميركي، اكتفى بالإشارة بشكل عابر إلى الأسرى بشكل عام في غزة.

ومع ذلك، استمرت المحادثات، التي تجنبت عقودًا من العداء المستحكم، في اليوم التالي، مما يدل على مدى حرص الجانبين على التوصل إلى اتفاق.

وأكدت مصادر نيويورك تايمز أن المحادثات مع حماس كانت منفصلة عن المحادثات بين الحركة وإسرائيل، حيث كان الأميركيون يتوقعون أن ينهار وقف إطلاق النار، وبالتالي تعريض حياة الأسير الأميركي للخطر، بسبب إصرار نتنياهو على تدمير حماس، في حين ترفض التخلي على سلاحها بينما تُبدي موافقة على التخلي عن الحكم في غزة.

ونقلت الصحيفة عن مصدرين مطلعين أن آدم بولر يعتقد بأن حماس قد ترغب في تقديم بادرة لترامب، وتعتقد أن صفقة جانبية يمكن أن تبني زخمًا نحو مناقشات جادة حول المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.

وأوضحت نيويورك تايمز، أن الاجتماع الأول بين آدم بولر ومستشاره وثلاثة مسؤولين في حماس جرى بعد الإفطار في رمضان، وقد جرى الاجتماع في غرفة جلوس تعلوها جدارية كبيرة للمسجد الأقصى في القدس وصورة لإسماعيل هنية، ثم بعد منتصف الليل، ناقش المجتمعون الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني وعملية السابع من أكتوبر، وتناولوا الكنافة وشربوا عصير البرتقال الطازج.

وبحسب مصادر نيويورك تايمز، فإن مسؤولي حماس في الاجتماع هم طاهر النونو وباسم نعيم وأسامة حمدان، وقد بذلوا جهدًا لمخاطبة مشاعر نظرائهم الأميركيين. وقال النونو إن حماس تحاول تحقيق الحرية للفلسطينيين، “وهي قيمة يعتزُّ الأميركيون بها” أضاف النونو.

وبعد يومين من الاجتماع الأول، تحدث بولر مع خليل الحية، كبير مفاوضي حماس. وخلال الاجتماع، قال الحية، إن حماس عادة ما تطالب بالإفراج عن 500 أسير فلسطيني من المعتقلات الإسرائيلية مقابل إطلاق سراح أسير مثل الجندي الأميركي ألكسندر، ولكن في بادرة حسن نية وتوفيرًا للوقت، ستطلب حماس 250 أسيرًا فقط، من بينهم 100 أسير محكومين بالسجن المؤبد.

وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، عرض بولر الإفراج عن 100 أسير محكومين بالسجن المؤبد، ووعد بالإفراج عن 150 أسيرًا من ذوي الأحكام المتدنية في تاريخ لاحق مقابل ألكسندر.

وأكدت نيويورك تايمز، أن بولر تعرض أثناء المحادثات مع حماس لضغوط من إسرائيل، وتلقى مكالمة هاتفية غاضبة من رون ديرمر، مستشار نتنياهو، أعرب فيها عن إحباطه من أن إسرائيل لم تعلم مسبقًا بهذه المحادثات.

وأشارت إلى أن تسريب خبر المحادثات من جانب إسرائيل للصحافة تم بهدف تخريب المحادثات، وفقًا للاعتقاد السائد لدى مسؤولين أميركيين.

وأضافت: “غالبًا ما تتشاور الولايات المتحدة مع إسرائيل حول مسائل الأمن القومي الحساسة، لكن المسؤولين في إدارة ترامب ربما لم يرغبوا في إبقاء المسؤولين الإسرائيليين على اطِّلاعٍ على مجريات الأمور لأن إسرائيل عطلت محاولة سابقة للقاء قادة حماس”.

إحدى المحاولات التي عطَّلتها إسرائيل، بحسب الصحيفة، كانت مباشرة بعد تنصيب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، حيث سافر حينها بولر إلى الدوحة للقاء مسؤولين في حماس، من بين أسباب أخرى للرحلة، لكن عندما علم مكتب نتنياهو بالأمر تدخل مسؤولون لدى البيت الأبيض، وقام الأخير بإلغاء الاجتماع.

وخلال اجتماعات آذار/مارس، كان آدم بولر على اتصال وثيق مع ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، حيث كان ينسق المواقف ويقدم آخر المستجدات. وقبل الاجتماع الثالث والأخير مع حماس، في 5 آذار/مارس، لم يعد المسؤولون الأميركيون يشعرون أن عرضهم قابل للتحقق. فقد قرروا أن أقصى ما يمكن أن يقترحوه هو 100 أسير من دون وعد بأن يكونوا من المحكومين بالسجن المؤبد مقابل ألكسندر.

وكان العرض سيشمل أيضًا إطلاق سراح نساء وأطفال فلسطينيين مقابل جثث 4 أسرى أميركيين آخرين، واستئناف تسليم المساعدات إلى غزة، وخطة لإرسال ويتكوف إلى الدوحة لتسوية تفاصيل عملية التبادل وبدء محادثات حول المرحلة الثانية.

وبيَّن تقرير نيويورك تايمز، أن الاجتماعات تطرقت إلى رؤية حماس لمستقبل غزة، حيث قال خليل الحية لمحاوريه الأميركيين إن حماس منفتحة على هدنة تتراوح مدتها بين خمس وعشر سنوات.

وطلب الحية أيضًا إطلاق الولايات المتحدة سراح اثنين من قادة مؤسسة “الأرض المقدسة” اللذين أدينا في الولايات المتحدة في عام 2008 بتقديم ”دعم مادي“ لحماس.

وفي نهاية الاجتماع الأخير، أخبر بولر، خليل الحية، أن عرضه الأخير نهائي وقد لا يكون مطروحًا على الطاولة إذا لم تقبله حماس بحلول موعد إقلاع طائرته خلال ساعات قليلة، غير أنَّ خليل الحية قال إن حماس لن تقبل العرض حتى لو وافق هو نفسه عليه.

65
اترك التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *